فارس بلا جواد الكاتبة بنوتة اسمرة الحلقة الرابع

16 4٬350
 

فارس بلا جواد الكاتبة بنوتة اسمرة الحلقة الرابع

فارس بلا جواد الكاتبة بنوتة اسمرة الحلقة الرابع

فارس بلا جواد الكاتبة بنوتة اسمرة الحلقة الرابع

فارس بلا جواد الكاتبة بنوتة اسمرة الحلقة الرابع , معكم صديقة زاكي الشيف الموهوبة ,

الفصل السابع

نصلي على رسول الله

كان حفل الخطوبة فى حديقة الفيلا .. تم تجهيزها بشكل ممتاز .. وحضر الأهل والأصحاب .. أما “آدم” فلم يدعو الا زملائه بالجامعة .. ولم يظهر له بالحفل أى من أقربائه

.. وعندما سُئل عن ذلك قال ببساطة :

– مليش حد فى الدنيا غير ولدتى وكانت مسافرة عند قرايبها وتعبت جداً ومقدرتش تيجي

فى غرفة “آيات” التف “أسماء” و “سمر” و “إيمان” حولها .. كانت تضحك وتمزح معهن وهى تشعر بأنها كالعصفورة .. تطير وتسبح فى الفضاء وترفرف بجناحيها فى سعادة ..

كانت تشعر أن هذا اليوم هو أحلى أيام حياتها .. نزلت مع صديقاتها وجلست على المقعد بجوار “آدم” .. ما هى إلا لحظات وتعالت أصوات التصفيق بعدما ألبسها “آدم”

دبلتها وألبسته دبلته .. انحنى “آدم” ليهمس فى أذنها :

– مبروك يا حبيبتى

اتسعت ابتسامة “آيات” وتعالت دقات قلبها الصغير وهى تسمع منه لأول مرة كلمة “حبيبتى” .. كان الناظر اليها يستطيع أن يتبين سعادتها الغامرة فى هذا اليوم ..

تعالت أصوات موسيقى حالمة .. فأمسك “آدم” بيدها ووقف أمامها ليراقصها .. لكنه فجأة وجد “عبد العزيز” مقبلاً تجاههما وأمسك ذراعيه قائلاً :

– بعد كتب الكتاب يا دكتور

نظر اليه “آدم” للحظه صامتاً ثم قال مبتسماً :

– طبعاً

شكرت “آيات” والدها فى سرها .. لانه عفاها من حرج مراقصة “آدم” أمام الناس ..

أقبلت صديقاتها لتقديم تهنئتهن .. ألقى “آدم” نظرة على كل من “إيمان” و “سمر” .. وشعر بالدهشة .. كانتا الوحيدتان من بين الفتيات بالحفل اللاتى يرتدين لباساً

محتشماً وبدون أى زينة للوجه .. نظر الى الطريقة التى تتعامل بها “آيات” معهن فشعر أنهما على صلة وطيدة بها .. بعدما رحلتا انحنى “آدم” على أذن “آيات” قائله

:

– مين دول ؟

ابتسمت قائله :

– صحابي

قال “آدم” بإستغراب :

– معاكى فى الكلية

قالت “آيات” شارحة :

– لا “سمر” دكتورة أطفال .. و “إيمان” دكتورة أسنان فى التكليف .. و “أسماء” معايا ف الكلية

كانت تشير لكل واحدة منهن أثناء حديثها فقال بدهشة :

– واتعرفتوا ازاى .. انتوا لا من كلية واحدة ولا من سن واحد بإستثناء “أسماء”

ابتسمت قائله :

– اتعرفنا فى رحلة طلعتها فى أول سنة ليا فى الجامعة .. ومن يوميها واحنا صحاب

أومأ “آدم” برأسه .. ثم ابتسم لها وهو ينظر اليها بتمعن قائلاً :

– انتى جميلة أوى النهاردة

ضحكت “آيات” بسعادة قائله :

– بجد ؟ عجبتك يعني ؟

قال “آدم” وهو يشبك أصابعها بين أصابع يده :

– انتى عجبانى على طول

ازدادت سعادتها واتسعت ابتسامتها وهى تنظر اليه بعينان تشعان حباً

نظر اليها قائلاً :

– هستأذن من باباكى ونخرج سوا بكرة .. اتفقنا

أومأت برأسها قائله بسعادة :

– اتفقنا

شعرت بسعادة غامرة وهى تنظر الى يده الممسكة بيدها .. رفعت رأسها لتنظر اليه وهى تتمنى ألا تفترق أيديهما أبداً

********************************

انتهى حفل خطبتهما .. وعاد الجميع الى بيته .. أوقف “آدم” سيارته أمام منزله .. وفتح الباب ودخل غرفته .. وفجأة التفت ليجد والدته واقفة أمام الباب المفتوح

.. خلع جايت البدلة واتجه الى الدولاب لإحضار ملابسه .. نظرت اليه أمه بغضب قائله :

– مش هقولك كنت بايت فين .. ولا هقولك بتعمل ايه ومبتعملش ايه .. هقولك حاجة واحدة .. رضا الأم من رضا الرب

أخرج “آدم” ملابسها ووقف أمامها لتفسح له الطريق .. حانت منها التفاته الى يده المزينة بالدبلة .. شهقت من الدهشة ونظرت اليه تقول :

– ايه الدبلة اللى فى ايدك دى يا “آدم” ؟

قال “آدم” بنفاذ صبر :

– مش حاجة مهمة متقلقيش

قالت أمه وهى تمسك يده وتتفرس فيها :

– يعني ايه مش حاجة مهمة .. لابسها ليه ؟

ثم صاحت بغضب :

– كمان دهب ؟ انت مش عارف ان لبس الدهب حرام للراجل يا “آدم” .. الرسول صلى الله عليه وسلم نهى الرجاله عن لبس الحرير والذهب وقال دول للستات بس مش للرجاله

يا “آدم”

نظر اليها “آدم” بلا أى تعبيرات على وجهه فأكملت أمه قائله بتهكم :

– صحيح انت ليه هتهتم بالحلال والحرام وانت أصلاً مبتصليش

ثم قالت وتعبيرات الإشمئزاز على وجهها :

– تصدق بالله أنا بقيت أقرف أبص فى وشك

قالت ذلك ثم تركته ودخلت غرفتها وأغلقت الباب خلفها بقوة .. ظل “آدم” واقفاً مكانه شارداً واجماً

**************************************

توجهت “آيات” للخارج بخطوات مسرعة .. خفق قلبها وهى ترى “آدم” واقف بجوار سيارته بحلته الأنيقة الفاخرة .. اقتربت منه وابتسامتها تزين وجهها قائله :

– اتأخر عليك ؟

ابتسم لها قائلاً :

– لا يا حبيبتى ولا يهمك

فتح لها الباب فجلست .. انطلق بسيارته .. كانت تشعر وكأن كل ما حولها يشاركها فرحتها .. التفت “آدم” لينظر الى تلك الإبتسامه التى لا تفارقها .. تلاقت أعينهما

فإتسعت ابتسامتها .. توقفا أمام أحد المطاعم الفاخرة .. جلس “آدم” فى المقعد المواجه لها .. و أثناء تناول وجبتهما .. قالت “آيات” :

– ممكن تبقى تدينى رقم طنط عشان أكلمها ؟

قال “آدم” بدهشة :

– طنط مين ؟

قالت “آيات” :

مامتك .. هى مجتش الخطوبة عشان تعبانه والمفروض انى أسأل عليها

قال وهو يحاول تغيير الموضوع :

– ان شاء الله .. ما قولتليش المكان عجبك ؟

ابتسمت قائله :

– جداً

صمت “آدم” قليلاً ثم قال :

– انتى والدتك متوفيه من زمان ؟

قالت “آيات” بشئ من الحزن :

– أهاا .. من يوم ما ولدتنى .. انا عمرى ما شوفتها أبداً

ثم قالت وهى تبتسم بحزن :

– بس عندى صور كتير ليها .. كل فترة بخرجهم وأعد أتفرج عليهم

راقب “آدم” تعبيرات وجهها .. فنظرت اليه قائله :

– وانت باباك متوفى من زمان ؟

شعر “آدم” بالضيق لسؤالها عن شئ خاص به .. فقال بنفاذ صبر :

– أيوة

ثم قال وهو ينظر اليها بتمعن :

– باباكى قالى أدمنا شهر عشان كتب الكتاب .. وانه بعد الشهر ده هيسألك عن رأيك .. حبه تكتبي الكتاب ولا تمدى فترة الخطوبة

قالت :

– أيوة بابا قالى كده فعلاً

قال “آدم” مبتسماً بخبث :

– طيب مش عايزه تطمنينى رأيك هيبقى ايه ؟

ابتسمت له قائله بمرح :

– استنى الشهر وانت تعرف

قال لها بخبث :

– طيب واللى مش قادر يستنى وخايف أوى من قرارك وعايز يعرفه بسرعة .. يعمل يه ؟

صمتت قليلاً ثم نظرت اليه قائله بإبتسامه :

– يطمن

شعر “آدم” بالراحة .. ومد يده وضعها فوق يدها قائلاً :

– مش هخليكي تندمى أبداً على قرارك ده

شعرت بالإضطراب وبالسعادة فى نفس الوقت وقالت :

– عارفه يا “آدم”

ثم ضحكت بخجل قائله :

– على فكرة دى أول مرة أقول اسمك من غير دكتور

قال بنبره حانيه :

– فى كلمة تانية عايزها بدل اسمى

نظرت اليه بسعادة وقد ادركت ما يريد قوله .. اقترب وجلس على المقعد المجاور لها وأمسك يدها بين راحتيه ونظر لها بعمق قائلاً :

– بحبك يا “آيات”

خفق قلبها بسرعة واضطرب تنفسها .. ها هو حبيبها جالس بجوارها ويخبرها عن حبه لها .. ألجمت السعادة لسانها فقال “آدم” هامساً :

– بحبك يا “آيات” وعايز أسمعها منك

شعرت بأن الكلمات ترفض الخروج .. كانت تشعر بإضطراب بالغ .. ودت لو صرخت له بها .. لكن الكلمة حُبست بداخلها .. ترك “آدم” يدها قائلاً :

– خلاص براحتك مش هضغط عليكي

نظرت اليه خشت أن تكون قد أغضبته .. فكر “آدم” بسخرية .. أتحاولين الظهور بمظهر الفتاة الصعبة الآن .. لا تحاولى لقد كشفتك جيداً وأعرف أنك سهلة .. ولعبة فى

يدي !

قال لها :

– يلا عشان منتأخرش

نهضت معه وأوصلها الى بيتها .. قبل أن تنزل أمسك يديها مقبلاً اياها إبتسمت برقه .. قال لها :

– تصبحى على خير

قالت بصوت خافت :

– وانت من أهل الخير

غادر “آدم” و”آيات” تشيعه بنظراتها .. ثم تمتمت بصوت خافت :

– بحبك يا “آدم” .. بحبك أوى

***********************************

ظلت “آيات” ساهرة فى شرفة غرفتها .. كانت تفكر بحزن هل يا تُرى “آدم” غضب منها لأنها لن تفصح عن حبها له ؟ .. هل ظن بأنها لا تحبه ؟ .. هل هو حزين الآن ؟ ..

خفق قلبها بقوة وهى تشعر بأنها لا تتحمل أن تكون سبب حزنه أو ضيقه .. توجهت الى حاسوبها وضربت بأصابعها فوق أزراره ابتساموه صغيره على شفتيها .. توردت وجنتاها

خجلاً قبل أن تضغط زر الإرسال .. اتصلت بـ “آدم” وهى تتمنى أن يكون مستيقظاً .. رد “آدم” قائلاً :

– حبيبتى وحشتيني

ابتسمت “آيات” بسعادة قائله :

– خفت تكون نمت

قال لها بهيام :

– مش عارف أنام

ٍسألته :

– ليه مش عارف تنام ؟

قال هامساً :

– بفكر فيكي .. بفكر فى عنيكي اللى بقيت حاسس انى مقدرش أبعد عنهم ثانية واحدة .. بفكر فى ايديكى اللى كانت فى ايدي من شويه .. أنا مش عارف ازاى قدرتى تعلقيني

بيكي بسرعة كده

أغمضت “آيات” عينها تستشعر كلماته بكل حواسها .. ثم قالت بصوت خافت :

– افتح الفيس يا “آدم” بعتلك حاجة عايزاك تشوفها

قال بدهشة :

– وانتى عرفتى الفيس بتاعى منين ؟

قالت بخجل :

– كنت عارفاه من زمان .. بس عمرى ما بعتلك آد

شعر “آدم” بالدهشة .. ثم قال :

– طيب خليكي معايا بفتح الجهاز

قالت بسرعة :

– لا شوف وأنا مش معاك .. أنا هقفل دلوقتى .. باى

قال بدهشة :

– باى

فتح جهازه وهو يتمتم لنفسه بحنق :

– ابتدينا شغل المراهقة

نظر “آدم” الى حسابه ليجد رسالة مرسلة من “آيات” فتحها ليجد فيها :

– أحبـــك .. أنت كل عالمى

أحبـــك .. أنت وحدك فارسي

أحبــــك .. فى كل وقت أنت معي

أحبـــك ؟! .. هذا أول مقاصدى

أعشقـــك ؟! .. ها أنت فهمت مشاعرى

أتمنـــاك ؟! .. أنت فى قلبي فعى

أنت فــــارس أحلامــــى

أحلامى رجلاً لا يُوصَف

وكل صفاته بيك توصَف

لم يكن صدى تلك الكلمات فى قلب “آدم” سوى السخرية والتهكم .. ظل ينظر اليها بأعين بارده وقلب أبرد .. ثم أمسك هاتفه .. وبمجرد أن ردت “آيات” قال هامساً :

– وانتى فتاة أحلامى

وضعت “آيات” كفها على قلبها علها تبطئ من وقع دقاته .. وابتسمت فى سعادة وهى تقول له :

– ربنا ما يحرمنى منك يا “آدم”

************************************

مر الإسبوعين بسرعة وببطء .. فكان وقعهما على “آيات” كالسحر .. كالتحليق فى الفضاء .. كنسمات الربيع .. أما على “آدم” فكان وقعها كئيباً رتيباً مملاً .. يتمنى

أن تجرى الأيام ويمضى الشهر سريعاً ليُنهى لعبته .. فى أحد الأيام وقف “آدم” أمام باب الفيلا فى انتظار خروج “آيات” .. كانت “آيات” تتخير الأوقات التى لا يكون

والدها فى البيت .. حتى تستطيع وضع زينتها كما تريد .. فهى تعلم أن سكوت والدها على وضعها الميكياج يوم أن تقدم “آدم” لخطبتها والأيام التى تلته فقط من أجل

أنها عروس ولم يرد ازعاجها .. لكنها تعلم جيداً أن لصبره حدود .. نزلت درجات الفيلا وعيناها معلقتان بـ “آدم” الذى اختار اليوم ارتداء الجينز .. ابتسمت له قائله

بمرح :

– أول مرة أشوفك كجوال

ابتسم ابتسامته الساحرة وسألها بمرح :

– طب ايه ؟ أنهى ستايل يعجبك أكتر ؟

قالت بصدق :

– حبيبى أنا بحبك مهما لبست .. حتى لو لبست جبه وقفطان

ضحك “آدم” قائلاً :

– طيب بس لتلاقيني فى مرة عملها بجد

صحكت قائله بعند :

– برده هحبك متحاولش

جلست “آيات” فى السيارة والتف “آدم” ليجلس بجوارها ثم ابتسم قائلاً :

– حبيبتى عايزه تروح فين النهاردة ؟

صمتت قليلاً ثم قالت :

– ايه رأيك نتمشى على النيل

قال بدهشة :

– نتمشى على النيل

قالت بسرعة :

– أيوة .. ايه مش عايز

قال بلامبالاة وهى ينطلق بيارته :

– فكرت هتقولى نعد فى مكان يعني

قالت بصوت طفولى :

– زهقت .. وكمان مش بحب الأماكن المقفوله .. بحب أوى أقف أتفرج على النيل .. كنت أنا و “أسماء” نخرج نتمشى على النيل ونقف ونسرح ونتكلم لحد ما نزهق

توقف “آدم” فى حد المناطق الهادئة .. نزلت “آيات” ووقفت تنظر الى النيل بسعادة ونسماء الليل تداعب وجنتيها .. نظرت الى “آدم” الواقف بجوارها تتأمله ثم التفتت

اليه وقالت فجأة :

– “آدم” انت فى حاجة مضايقاك ؟

التفت اليها قائلاً بدهشة :

– ليه بتقولى كده ؟

قالت بحيرة :

– مش عارفه .. ساعات بحس كده .. ساعات بحس انك مضايق من حاجه أو مخنوق من حاجه

صمت “آدم” وهو ينظر اليها لا يدرى ما يقول .. فأكملت قائله بحنان :

– “آدم” مش أنا حبيبتك وبعد اسبوعين ان شاء الله هكون مراتك .. يعني لو فى حاجة مضايقاك قولى عليها وفضفض معايا يمكن ترتاح

ظل “آدم” ينظر اليها وهو يرى مشاعرها الصادقة تجاهه .. أشاح بوجهه بسرعة وأخذ يتطلع الى النيل ثم عاد ينظر اليها وهو يرسم ابتسامه على شفتيه ويقول :

– لا يا حبيبتى أنا مفيش حاجة مضايقانى .. متشغليش بالك انتى

ابتسمت “آيات” له ثم وضعت يدها على ذراعه التى كان يستند بها الى السور وقالت :

– ماشى يا حبيبى .. بس خليك فاكر وقت ماتحب تتكلم مع حد أنا موجوده

ارغم نفسه على الإبتسام ووضعه كفه فوق كفها الممسكة بذراعه وقال لها :

– مكنتش أعرف انك بتحبينى أوى كده

نظرت اليه بعتاب قائله بصوت متهدج :

– اخص عليك ازاى تقول كده .. أنا بحبك أوى يا “آدم” بحبك بجد .. عشان كده بضايق أوى لما بحس انك ممكن تكون مضايق

شعر بالإختناق وهو يستشعر صدق كلماتها .. قال فجأة :

– يلا نمشى

قالت بإستغراب :

– ليه فى حاجه ؟

قال بحده :

– لا بس افتكرت معاد مهم

شعرت “آيات” بالدهشة من تصرفه لكنها لم ترد مضايقته بكثرة الأسئلة .. أوصلها الى الفيلا .. ودون أن يوجه لها كلمة .. فقالت قبل أن تنزل من السيارة :

– طمنى عليك لما توصل البيت

هز رأسه قائلاً :

– ماشى

خرجت “آيات” وأغلقت الباب لينطلق “آدم” فى طريقه .. كان يشعر بالضيق والحنق .. لا يدرى لما شعر بذلك .. ظل يسير بسيارته وهو يحاول ازاحة هذا الشئ الذى يجثم

على صدره ويحاول خنقه

*************************************

هتفت “إيمان” بغضب بعدما أخبرتها والدتها بأمر العريس الجديد الذى يريد أن يتقدم لها :

– مش هقابله يعني مش هقابله

قالت “أمها بحده :

– يعني ايه مش هتقابليه

قالت “إيمان” بعند :

– يعني مش هقابله .. مش عايزة أتجوز

هتفت أمها بغضب :

– يعني ايه مش عايزة تتجوزى يا بت انتى .. اتهبلتى فى عقلك ولا ايه .. لا اتظبطى لأظبطك متطلعيش جنانك عليا

هتفت “إيمان” وقد بدأت فى البكاء :

– انتى ليه مش عايزة تفهميني يا ماما .. أنا تعبت بأه مش كل شوية حد ييجى ويمشى ويتصل يقول معلش مفيش نصيب .. كفاية بأه مش عايزة أتجرح تانى

صاحت والدتها وهى تغادر الغرفة :

– أهو ده اللى انتى فالحة فيه كل شوية عياط وغم .. هتقابليه ورجلك فوق رقبتك ولما ييجى أبوكى يبقى يشوفله صرفه معاكى

أغلقت الباب خلفها بعنف .. فجلست “إيمان” على فراشها تبكى الى أن شعرت بالإرهاق فنامت ودموعها تبلل وجهها

استيقظت فوجدت الجميع قد آووا الى فرشهم .. توجهت الى الثلاجة وأخرجت بعض الطعام وتوجهت الى غرفة المعيشة واشعلت التلفاز بصوت منخفض وجلست تأكل بنهم .. بعد

عدة دقائق تذكرت أمر ذلك العريس .. توقفت عن تناول الطعام وقد بدت عليها الحيرة .. قامت وتوجهت الى الثلاجة وأعادت الطعام الى مكانه وقامت وتوضأت ودخلت غرفتها

تصلى لله عز وجل وتدعوه ألا تُجرح تلك المرة

************************************

توقف “آدم” بسيارته فى احدى دور سينما السيارات والتى كانت تتميز بالهدوء .. التفت وابتسم لـ “آيات” الجالسه بجواره فبادلته الإبتسام .. نظر “آدم” أمامه ..

لم يكن يعى حرفاً مما يدور على الشاشة .. لأنه كان شارداً .. ويفكر بعمق .. التفت ينظر الى “آيات” التى اندمجت فى تناول الفيشار وهي تنظر الى الشاشة بترقب شديد

وقد استهواها الفيلم الذى تتابعه .. شعر “آدم” وهو ينظر اليها بأن فيها شيئاً من البراءة .. رغم الملابس الضيقة الملفتة المثيرة التى كانت ترتديها وحجابها الغير

محكم على رأسها والذى أظهر رقبتها كاملة .. ورغم المكياج الذى أبرز ملامح وجهها وأعطاها عمراً أكبر من عمرها .. إلا أن شئ واحد فيها ظل يشع براءه .. ابتسامتها

.. تلك الابتسامه العذبة التى ترتسم على وجهها حال رؤيته .. وتتسع حال فرحها .. وتختفى اذا تضايقت .. و تزداد رقة كلما قال كلمات تُخجلها .. تلك الإبتسامة التى

تعلن عن نفسها وعن طهرها وبرائتها وسط كل تلك المظاهر التى يكرهها “آدم” .. شعرت “آيات” بنظراته فالتفتت تنظر اليه .. بمجرد أن تلاقت أعينهما ابتسمت .. ابتسمت

عيناها قبل شفتاها .. حاول الإشاحة بوجهه فلم يستطع .. شعر بالضيق وبالإختناق مرة أخرى .. شعر مرة أخرى بذلك الشئ الذى يجثم على صدره بقوه .. أراد هذه المرة

أن يقتله وأن يمنعه من التواجد بداخله مرة أخرى .. أراد أن يزيحه من طريقه تماماً .. فكر .. للحظات .. ولم يجد إلا طريقاً واحداً ليقضى على هذا الشئ قبل أن

يظهر أكثر ويعلن عن نفسه .. مد يده ليتلمس وجنتها .. ابتسمت بخجل وهى تطرق برأسها .. ثم رفعت رأسها لتنظر اليه مرة أخرى .. لكن ابتسامتها تلاشت عندما وجدته

ينحنى نحوها لــ .. يقبل شفتيها .. شعرت بالصدمة وتجمدت .. لم تمنعه .. لم تعترض .. لم تتحرك .. أنهى قبلته التى استغرقت ثوانى معدودة .. ثم اعتدل فى جلسته

وهو ينظر أمامه يتأمل شاشة العرض وهو يبتسم ابتسامة رضا .. أخيراً قضى على هذا الشئ .. للأبــد

**************************************

عادت “آيات” الى الفيلا وعلامات الوجود على وجهها .. أقبلت عليها “حليمة” لتقول :

– حمدالله على السلامة يا بنتى .. أحضرلك الأكل ولا اتعشيتي مع خطيبك

قالت “آيات” بصوت مضطرب :

– مش عايزة يا دادة

صعدت الى غرفتها وعينا “حليمة” تتابعها بقلق .. دخلت “آيات” غرفتها وأغلقت الباب .. جلست على فراشها فى الظلام .. لا ينير الغرفة سوى ضوء القمر المتسلل عبر

الشرفة .. جلست فى مكانها متجمده كالتمثال .. ونظرات عينيها غائرتان .. وضعت أصابعها على شفتيها تتلمسهما وهى تتذكر قبلة “آدم” .. شعرت فجأة بقشعريرة تجتاح

جسدها وبنغزات الدموع فى عينيها .. أخذت نفسهاً طويلاً وشعور الضيق يتزايد بداخلها .. أخرجت هاتفها واتصلت بـ “أسماء” التى أجابتها قائله :

– ايه ده معقول .. مش متعودة يعني انك تعبريني فى الوقت ده .. من ساعة ما اتخطبتى وانتى الوقت ده حجزاه لخطيبك .. نفسى أفهم مبتزهقوش رغى

قالت “آيات” بصوت مضطرب مبحوح :

– “أسماء” أنا مضايقه أوى

قالت “آسماء” بجديه :

– ايه فى ايه .. ايه اللى حصل اوعوا تكونوا اتخانقتوا

قالت “آيات” بإضطراب :

– لا مش كده

ثم صمتت .. فحثتها “أسماء” قائله :

– فى ايه يا بنتى متتكلمى

عضت “آيات” شفتيها وهى تقول بحنق :

– حصلت حاجة مش عارفه حسه انى مضايقه

قالت “أسماء” :

– طيب متفهميني ايه اللى حصل عشان أبقى فاهمة انتى بتتكلمى عن ايه

زفرت “آيات” بضيق وهى تقول بصوت خافت لا يكاد يُسمع :

– “آدم” بسنى

ضحكت “أسماء” بشدة وهى تقول :

– وقعتى قلبي أنا قولت مصيبة حصلت

قالت “آيات” بضيق :

– طيب قوليلى

قالت “أسماء” ضاحكة :

– أقولك ايه يا بنتى .. أنا مش فاهمة اصلا انتى مضايقه ليه

قالت آيات” بحيرة :

– يعني اللى حصل ده عادى

قالت “أسماء” بتهكم :

– والله يا “آيات” اللى يسمعك كده يقول طفلة فى ابتدائى

هتفت “آيات” بغضب :

– خلاص يا “أسماء” .. أنا أصلاً غلطانه انى اتصلت بيكي .. باى

هتفت “أسماء” بسرعة :

– يا مجنونة استنى .. طيب خلاص حبه جد بأه .. انتى ايه مضايقك دلوقتى ؟

قالت “آيات” بحده :

– معرفش مضايقه وخلاص .. حسه ان أنا مضايقه

قالت “أسماء” :

– طيب مش انتى بتحبيه يا “آيات” ؟

قالت “آيات” بسرعة :

– جداً وانتى عارفه

قالت “أسماء” :

– وهو بيحبك ؟

قالت “آيات” بثقه :

– أيوة بيحبنى

هتفت “أسماء” قائله :

– يعنى انتى بتحبيه وهو بيحبك ومخطوبين وهيتكتب كتابكوا بعد اسبوعين وباسك .. فيها ايه دى ؟

صمتت “آيات” .. لا تدرى ما تقول .. فقالت “أسماء” :

– متردى يا بنتى

قالت “آيات” بقلق :

– حسه ان كده غلط .. وكمان أنا خايفه “آدم” ياخد فكرة وحشة عنى

قالت “أسماء” بإستغراب :

– انتى عبيطة يا “آيات” كل المخطوبين بيعملوا كده

قالت “آيات” بنبره حزينه :

– أنا حسه بالذنب أوى .. مش عارفه يمكن عشان أول مرة يحصل كده .. مش عارفه بس حسه ………

قاطعتها “أسماء” قائله :

– يا بنتى متكربيش الموضوع

صمتت “آيات” قليلاً ثم قالت بأعين دامعه وصوت مرتجف :

– بس يا “أسماء” أنا سمعت فى مرة شيخ بيقول ان لو حصل حاجات زى دى بين اتنين مش متجوزين ربنا مش بيباركلهم فى ارتباطهم ده .. وان هو لو بيحبها فعلاً هيحافظ

عليها ومش هيعمل فيها كده ..وان اللى بيعمل كده مع واحدة مش مراته بيبقى شايفها وحشة ومش محترمة

قالت “أسماء” :

– “آيات” محسسانى انه اغتصبك .. دى بوسه يا بنتى .. مش حاجة كبيرة يعني

تنامى الى مسامعها شهقات بكاء “آيات” فقالت بحنان :

– “آيات” بتعيطى ليه دلوقتى ؟

تعالت شهقات “آيات” وقالت ودموعها تتساقط على وجنتيها :

– مش عارفه .. بس حسه انى مضايقة أوى

قالت “أسماء” بهدوء :

– طيب بطلى عياط .. الموضوع مش كبير للدرجة دى .. هو باسك بس ولا حصل حاجة تانى ؟

قالت “آيات” بصوت مرتجف :

– باسنى بس

قالت “أسماء” :

– خلاص شيلي الموضوع من دماغك ومتفكريش فيه .. خلاص .. وبطلى عياط بأه

مسحت “آيات” دموعها وهى تقول :

– طيب خلاص يا “أسماء”

قالت “أسماء” بحنان :

– هديتي ؟

قالت “آيات” :

– أيوة خلاص .. أنا هقفل لانى حسه بصداع جامد هاخد حاجة للصداع وأنام

قالت “أسماء” :

– طيب ماشى وكلمينى لما تصحى

– ماشى .. يلا باى

أنهت “آيات” المحادثة وهى تشعر بنفسها أهدأ .. دخلت الحمام وتوضأت وصلت الفروض التى فاتتها ثم أوت الى فراشها

عاد “آدم” الى بيته وألقى بنفسه على فراشه وهو يتذكر استسلامها لقبلته فإبتسم ساخراً وقال لنفسه متهكماً قبل أن يغلق عيناه : كما توقعت بالضبط

**************************************

جلست “سمر” فى مكتبها بالمستشفى تنتظر دخول المريض التالى .. لكنها شعرت بالدهشة بعدما رفعت رأسها لتجد “آيات” أمامها .. فهتفت بدهشة :

– “آيات”

ثم ابتسمت قائله :

– بتعملى ايه هنا ؟

ابتسمت “آيات” وهى تغلق الباب قائله :

– جيت أشوفك .. ومتخفيش دفعت كشف يعني ده دورى مش بعطل حد من اللى بره يعني

التفت “سمر” حول المكتب وعانقتها قائله :

– لا طبعا هردلك الكشف .. حبيبتى فرحانه أوى انى شوفتك

ثم قالت :

– بس بصراحة مستغربة أوى

تنهدت “آيات” وهى تجلس أمام المكتب قائله :

– بصراحة مكنتش قادرة أستنى .. حسيت انى عايزة أتكلم معاكى .. صحيت ولبست وجيت على طول .. جلست “سمر” على المقعد أمامها وهى تقول بقلق :

– خير يا “آيات” فى ايه ؟

أطرقت “آيات” برأسها وأخذت تفرك حزام حقيبتها بين يديها .. قالت “سمر” مشجعة :

– اتكلمى فى ايه ؟

ثم قالت :

– لو خايفة أحب اطمنك .. أى حاجة هتقوليها دلوقتى مستحيل تطلع بره

نظرت اليها “آيات” وقالت ممتنه :

– عارفه يا “سمر” وعشان كده جتلك

قالت “سمر” بإبتسامة حانية :

– طيب قوليلى بأه فى ايه ؟

أخذت “آيات” نفساً عميقاً ثم قصت عليها ما حدث بينها وبين “آدم” بالأمس .. هتفت “سمر” بغضب :

– انتى غلطتى أوى يا “آيات” ده خطيبك مش جوزك

هتفت “آيات” تدافع عن نفسها وعن “آدم” :

– بس احنا بنحب بعض يا “سمر”

قالت “سمر” بصرامة :

– حتى لو بتحبوا بعض .. اللى حصل ده غلط أوى

شعرت “آيات” بالحزن وهى تستمع الى كلمات “سمر” التى تعزز احاسها بالذنب الذى يراودها منذ الأمس .. قالت “سمر” :

– “آيات” أنا عارفاكى كويس .. وبقالنا سنين مع بعض .. كلمتك كتير على لبسك وعلى الميك آب بس مكنتيش بتسمعيلي وكنت بدعيلك ان ربنا يهديكى ومبحاولش أضغط عليكي

عشان متكرهينيش وتبعدى عنى .. بس بجد الموضوع ده مينفعش أقول ربنا يهديكي وأسكت

صمتت قليلاً ثم قالت :

– “آيات” فى حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم بيقول : ” فالعينُ تَزني وزِناها النظرُ، واليَدُ تَزني وزِناها اللمسُ، والرِّجلُ تَزني وزِناها الخُطى، واللسانُ

يزني وزِنَاه المَنطِقُ، والفَمُ يَزني وزناهُ القُبَلُ، والنفس تَمَنَّى وتشتَهي، والفَرجُ يُصَدِّقُ ذلكَ أو يكذبهُ ”

وضعت “آيات” يدها على فمها وقد اغرورقت عيناها بالعبرات .. وأخذت ترتجف وهى تغمض عينيها باكية .. اقتربت منها “سمر” وجلست على المنضدة أمامها ووضعت يديها على

قدميها وهى تقول :

– “آيات” اللى انتى حسه بيه دلوقتى حاجة كويسة أوى .. لان ده معناه ان عندك نفس لوامة .. بتلومى نفسك لما بتعملى حاجة غلط .. وده عشان انتى بنت طيبة ونضيفة

وكويسة .. بس مشكلتك ان مفيش فى حياتك حد يوجهك للصح ويبعدك عن الغلط

قالت “آيات” من بين شهقاتها :

– أعمل ايه دلوقتى .. يعني أنا كده ……..

ثم انفجرت باكية مرة أخرى

عانقتها “سمر” قائله :

– ممكن متعيطيش لو سمحتى .. بصى فى عهد النبي صلى الله عليه وسلم جاله راجل من الأنصار اسمه “أبو اليسر بن عمرو” وقاله : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي لَقِيتُ

امْرَأَةً فِي الْبُسْتَانِ فَضَمَمْتُهَا إِلَيَّ وَبَاشَرْتُهَا وَقَبَّلْتُهَا وَفَعَلْتُ بِهَا كُلَّ شَيْءٍ غَيْرَ أَنِّي لَمْ أُجَامِعْهَا قَالَ فَسَكَتَ

عَنْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ : ( إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ

) ، قَالَ فَدَعَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَرَأَهَا عَلَيْهِ فَقَالَ عُمَرُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَهُ خَاصَّةً أَمْ لِلنَّاسِ

كَافَّةً فَقَالَ : ” بَلْ لِلنَّاسِ كَافَّةً . ”

توقفت “آيات” عن البكاء وقالت بصوت مبحوح :

– مفهمتش يا “سمر” اشرحى

قالت “سمر” مبتسمه :

– يعنى فى راجل راح للنبى صلى الله عليه وسلم وقاله انه باس واحدة واتمتع بيها من غير ما يحصل بينهم علاقة كاملة .. فالنبي صلى الله عليه وسلم مردش عليه لحد

ما ربنا سبحانه وتعالى أوحى للنبي عن طريق سيدنا جبريل بالآية اللى بتقول : ” إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين ” .. فسيدنا “عمر” سأل النبي صلى الله

عليه وسلم وقاله : الآية دى للراجل ده بس فالنبي قاله لا لكل الناس .. يعني أى حد يغلط .. يعمل بعدها حاجة كويسة .. عشان الحسنات تضيع السيئات اللى خدها ..

فهمتى يا “آيات”

أومأت “آيات” برأسها قائله :

– آه فهمت

صمتت برهه ثم نظرت الى “سمر” قائله بلهفه :

– يعني أنا دلوقتى لو عملت خير وحسنات كتير كده ربنا يسامحنى على اللى حصل

ابتسمت “سمر” قائله :

– أيوة يا “آيات” بس لازم تعاهدى ربنا ان ده ميحصلش تانى أبداً .. لازم تحطى حدود بينك وبين خطيبك

ًثم ضحكت قائله :

– وبعدين يا ستى كلها اسبوعين .. استحملوا الاسبوعين دول

ضحكت “آيات” وعانقت “سمر” بحرارة قائله :

– ربنا يريح قلبك يا “سمر” .. أنا بجد كنت مضايقه أوى بس انتى طمنتيني وعرفتيني المفروض أعمل ايه

ابتسمت “سمر” قائله :

– احنا اخوات يا “آيات” أى حاجة حابه تسأليني عنها كلميني على طول

ابتسمت “آيات” وهى تخرج مرآتها لتعدل من زينتها ثم نهضت قائله بمرح :

– همشى بأه قبل ما أمهات الأطفال اللى بره يدعو عليا

ضحكت “سمر” وقالت :

– ماشى يا “آيات” .. خلى بالك من نفسك

قالت “آيات” مبتسمه :

– ربنا يوفقك يا “سمر” .. باى

– مع السلامة

**********************************

ابتسمت “ساندى” وهى ترى اسم “آدم” على هاتفها فأسرعت بالرد قائله :

– هاى دكتور

قال”آدم” الذى كان يقود سيارته :

– هاى “ساندى” .. ازيك

قالت بعتاب :

– تمام يا دكتور .. مبروك الخطوبة ولو انى زعلانه جداَ انك معزمتنيش

قال “آدم” :

– معلش الخطوبة كانت على الضيق بس فى كتب الكتاب ان شاء الله أكيد هتكونى معزومة

قالت بمرح :

– خلاص اتفقنا بس لو معزمتنيش المرة دى كمان بجد هزعل جداً

قال “آدم” بجديه :

– فاضية شوية يا “ساندى” .. عايز أقابلك

اتسعت ابتسامتها وقالت بلهفه :

– طبعاً يا دكتور .. ولو مش فاضية أفضالك

ابتسم قائلاً :

– تمام .. يبقى نتقابل كمان نص ساعة

اتفق معها على المكان ثم أنهى المحادثة معها .. لم يكن يغلق هاتفه حتى أتاه اتصال من “آيات” فرد قائلاً :

– حبيبة قلبي كنت لسه هكلمك

تكلمت بجدية قائله :

– “آدم” عايزة أشوفك ضرورى

قال “آدم” بقلق :

– خير فى حاجة يا “آيات” ؟

قالت بنفس النبرة الجادة :

– أيوة بس لما أشوفك

قال “آدم” :

– طيب جايلك حالا .. انتى فى الفيلا

– أيوة

– خلاص ربع ساعة وهكون عندك

اتصل بـ “ساندى” وأجله معاده معها ليوم آخر .. ثم انطلق فى طريقه الى الفيلا وهو يحاول تخمين فيما أرادته “آيات” .. دخلت السيارة وانطلق بها .. التفت اليها

قائلاً :

– مالك يا حبيبتى ؟

قالت “آيات” بجديه :

– عايزة أتكلم معاك شوية .. بس وقفنا فى مكان الأول

توقف “آدم” فى مكان ما على الكورنيش .. كانت “آيات” طيلة الطريق شاردة .. خرجت من السيارة فتبعها “آدم” .. وقف أمامها قائلاً :

– فى ايه يا “آيات” ؟

بلعت “آيات” ريقها بصعوبة وهى تخشى أن يسئ فهم حديثها .. لكنها تشجعت ونظرت اليه قائله :

– “آدم” انت عارف أنا بحبك أد ايه .. مش كده

أومأ برأسها وعيناه تتفرسان فيها .. فأكملت قائله بنبره حزينه وقد ترقرقت العبرات فى عينيها :

– اللى حصل امبارح ده مكنش المفروض يحصل

أخذ “آدم” ينظر الى عينيها الدامعة وملامحها الحزينة بتمعن وبصمت .. فأكملت قائله بصوت مرتجف :

– أنا كنت عارفه ان ده غلط .. بس معرفش ليه ممنعتكش .. أصلاً ده حصل فجأة وأنا مكنتش مركزة .. ومعرفش كنت مصدومة ومعرفتش أعمل ايه

ثم قالت :

– فضلت طول الليل حسه بالذنب .. والصبح اتكلمت مع واحدة صحبتى وقالتلى …….

صمتت قليلا وقد ارتجفت شفتاها وتساقطت العبرات من عينيها وهى تقول بصوت باكى :

– قالتلى ان فى حديث ان ده حاجة زى الزنا كده .. أو بمعنى تانى ان ده طريق للزنا

قالتلى ان فى حديث ان ده حاجة زى الزنا كده .. أو بمعنى تانى ان ده طريق للزنا

قالت الكلمة الأخيرة بصوت مرتجف وما كادت تنطقها حتى ارتجف جسدها لقوة بكائها .. أخفت وجهها بكفيها وهى تحاول السيطرة على شهقات بكائها .. تجمدت نظرات “آدم”

بل وتجمدت كل حواسه .. وهو ينظر اليها باكية أمامه .. شاعرة بالذنب .. من أجل قبله .. لم تشاركه فيها .. بل تلقتها فقط .. شعر وكأن شخصاً ألقى على رأسه دلواً

من الماء البارد .. توقفت “آيات” عن البكاء وهى تقول :

– أنا عارفه ان انت عملت كده عشان بتحبنى .. بس أنا مش عايزة حاجة تحصل تخلى ربنا غضبان علينا ويعاقبنا يا “آدم”

رفعت رأسها تنظر اليه بأسى وقد بللت العبرات وجهها :

– أنا مش عايزة ربنا يعاقبنا بإنه يحرمنا من بعض يا “آدم”

ظل يتطلع اليها دون أن يتفوه بكلمة .. مسحت عبراتها وهى تقول :

– بس ده اللى كنت عايزه أقوله .. ومش عايزاك تزعل منى .. أنا عارفه ومقدرة ان انت بتحبنى .. والله أنا كمان بحبك .. بس أنا خايفه نعمل حاجة غلط ونتعاقب عليها

نظرت اليه قائله :

– ساكت ليه .. قول حاجة

خرج “آدم” عن صمته قائلاً :

– اركبي عشان أوصلك الفيلا

قالت بحزن :

– انت زعلت منى ؟

قال بهدوء :

– لأ .. بس عندى شغل

قالت “آيات” :

– انا آسفة انى عطلتك بس أنا مكنتش قادرة أتسنى وكنت حبه أتكلم معاك

توجهت الى السيارة وركبت .. لحق بها “آدم” وركب بجوارها .. أخرجت مرآتها لتجد الكحل قد سال على وجهها وخرب مكياجها .. تنهدت فى ضيق وأخرجت مناديلها المذيلة

للمكياج وأخذت تزيله عن وجهها .. لم يلتفت لها “آدم” طوال الطريق بل ظل شارداً .. أوقف سيارته أمام الفيلا .. وما كاد يلتفت اليها مودعاً حتى شعر وكأن أحداً

ضربه على رأسه .. نظر الى تلك الفتاة الجالسه بجواره بعينيها الصافيتين البريئتين وبوجهها الذى تعلوه حمره خفيفه وبشفتيها الرقيقتين .. التفتت اليه “آيات” قائله

:

– “آدم” ياريت متزعلش منى .. وتكون فهمت كلامى صح

استمر فى النظر اليها فشعرت بالخجل وتضرجت وجنتاها بحمرة محببه .. أخذ يتأملها “آدم” وقد عقد لسانه .. نظرت اليه مرة أخرى مبتسمة تلك الإبتسامة العذبه .. شعر

وكأنه يراها لأول مرة .. تأملته “آيات” وقد شعرت بأنه ينظر اليها كما لم ينظر من قبل .. عشقت نظراته فى تلك اللحظة .. وابتسمت بخجل قائله :

– بتبصلى كده ليه ؟

سألها بهدوء قائلاً :

– انت ليه بتغيري شكلك ؟

قالت بإستغراب :

– تقصد الميك آب يعني ؟

لم يجيب فقالت وهى تهز كتفيها :

– عادى يعني .. كل البنات بتحب الميك آب

ظل صامتاً يتطلع اليها .. فسألته قائله :

– انت مبتحبش الميك آب ؟

انتبه الى نفسه والى ما يحدث .. وقال لنفسه ما شأنك أنت ان وضعت مكياج أم لم تضع .. فبعد أقل من اسبوعين ستنتهى اللعبة وستفترقان كل الى حال سبيله .. نظر “آدم”

أمامه وهو يقول :

– يلا انزلى عشان ألحق معادى

نظرت اليه تحاول أن تفهم فيما يفكر .. تحاول أن تفهم نظراته التى تعجز كثيراً عن تفسير معناها .. لكنها اتمثلت لأوامره ونزلت .. وتابعت السيارة بعينيها وهى

تبتعد .. ولأول مرة .. يرفع “آدم” عينيه لينظر اليها فى مرآة السيارة وهو يبتعد

الفصل الثامن

نصلي على رسول الله

جلس “آدم” فى أحد المطاعم وتحت يده ملف أخذ يطرق عليه بأصابعه فى توتر وهو ينظر الى ساعته بين الحين والآخر .. أقبلت عليه “ساندى” تتهادى فى خطواتها .. حيته

قائله :

– هاى دكتور .. اتأخرت عليك

قال “آدم” بإبتسامة مجاملة :

– مش كتير

قالت بمرح وهى تجلس أمامه على الطاولة :

– سورى يا دكتور الطريق كان زحمة موت

أومأ “آدم” برأسه وبدا بأن عقله مشغولاً بشئ آخر .. طلب لها مشروباً .. تحدثا قرابة النص ساعة فى موضوعات شتى عن الجامعة والدراسة والعمل .. الى أن قال “آدم”

بجديه :

– “ساندى” كنت محتاج منك خدمة

قالت “ساندى” بلهفه :

– طبعاً انت تؤمر يا دكتور

أمسك الملف الذى كان يستند اليه ذراعه ووضعه أمامها قائلاً :

– دى دراسة جدوى لمشروع قرية سياحية فى العين السخنة .. الدراسة دى عملتها من كذا سنة .. أرباحها خيالية ومضمونة جداً

ابتسمت “ساندى” قائله وهى تتفحص الملف :

– طبعاً طالما حضرتك اللى عاملها تبقى ممتازة يا دكتور “آدم”

قال “آدم” وهو ينظر اليها بتمعن :

– الدراسة دى أنا محتاج ليها ممول

ثم قال بضيق :

– كنت المفروض انى أنا هكون أحد الممولين فيها بس مش هينفع دلوقتى أشارك فى راس المال

ثم قال بلهفه :

– أنا عارف ان والدك رجل أعمال ومش بس كدة .. عنده شركة سياحية كبيرة ومنافس قوى فى السوق

ابتسمت “ساندى” بتفاخر وهى تقول ضاحكة :

– فعلاً بابا حقق اسم كبير أوى فى عالم السياحة

قال “آدم” بجدية :

– وعشان كده أنا حابب انه يمول المشروع ده .. المشروع ده من أضخم المشاريع اللى اتعملها دراسة جدوى .. وكمان المكان نفسه خيالى مش ممكن تتخيلى روعته … وكل

شئ موجود فى الملف ده

قالت “ساندى” مبتسمة :

– طيب وليه حضرتك متعرضش على بابا المشروع ده بنفسك

قال “آدم” مبتسماً وهو يرجع ظهره للخلف :

– ما أنا هعرضه بنفسي ..ربس انتى متخيله رجل أعمال زى باباكى بيتعرض عليه كام مشروع وكام دراسة جدوى .. ايه اللى يخليه يلتفت لمشروعى وياخده بجديه

ضحكت “ساندى” بدلال قائله :

– عايزنى أكون واسطة يعني

ابتسم ابتسامته الساحرة وهو يقول بلؤم :

– بالظبط كده

ابتسمت وهى تقول بخبث :

– أخبار نتيجة الإمتحان المفاجئ ايه ؟

ابتسم “آدم” ولمعت عيناه وهو يقول :

– امتحان مفاجئ ايه اللى بتتكلمى فيه .. قولى أخبارك امتحان الفاينال ايه

ابتسمت “ساندى” وقد لمعت عيناها عندما أخرج “آدم” ورقة من جيبه ووضعها أمامها .. نظرت “آيات” بفرحة وعدم تصديق الى الاسئلة الموجودة فى الورقة ثم نظرت الى “آدم”

قائله بمرح :

– يا سلام عليك يا دكتور .. كده تمام أوى وشكلنا هنعمل مع بعض أحلى بيزنس

ابتسم “آدم” وقال محذراً :

– الورقة دى ليكي انتى بس ولو اتسربت يمين ولا شمال .. انتى عارفه أنا ممكن أعمل ايه يا “ساندى”

قالت ضاحكة وهى تضع الورقة فى حقيبتها :

– ليه هو أنا مجنونة ولا ايه .. أسربها عشان ياخدوا درجات عاليه .. انا مالى انشاله الدفعة كلها تسقط .. المهم انى ضمنت الفول مارك

ابتسم “آدم” قائلاً :

– استنى منك رد امتى ؟

قالت بحماس :

– بابا مسافر وراجع من السفر خلال اسبوعين ان شاء الله ويمكن أقل كمان .. أول ما ييجي مش هخليه يقوم من على الملف غير لما يقراه كله .. وأنا واثقه فيك يا دكتور

وعارفه ان أكيد بابا هينبهر بدراسة الجدوى اللى عملتها

اتسعت ابتسامة “آدم” وهو يقول :

– اتفقنا يا “ساندى”

**************************************

جلست “آيات” فى كافيتيريا الكلية تنقل احدى الأجزاء التى فاتتها من المحاضرة الى دفترها .. اقتربت منها “أسماء” فرفعت “آيات” رأسها لتنظر اليها ببرود ثم عادت

تكمل كتابتها .. جلست “آسماء” فى المقعد المجاور لها وقالت :

– “آيات” مالك فى ايه ؟ .. انتى مخصمانى ولا ايه ؟

قالت “آيات” ببرود دون أن تنظر اليها :

– مفيش حاجة

قالت “أسماء” بحده :

– لا فى .. مش معبرانى .. بتحضرى المحاضرات من غيري .. بتصل بيكي بتردى بالقطارة .. فى ايه يا “آيات” .. من يوم المكالمة اللى كنتى مضايقه فيها وانتى بتعامليني

وحش

نظرت اليها “آيات” بحده وقالت :

– كنت فاكراكى صحبتى .. كنت فاكراكى بتخافى عليا بجد .. بس بجد أنا اتصدمت فيكي يا “أسماء”

قالت “أسماء” بدهشة :

– ليه كل ده ايه اللى حصل فهميني ؟

قالت “آيات” بصوت خافت حتى لا تلفت نظر أحد ممن حولها :

– لما قولتلك على اللى حصل بينى وبين “آدم” أعدتى تقوليلى عادى ومفيهاش حاجة وكل المخطوبين بيعملوا كده .. تعرفى ان دي حاجة النبي قال عنها انها زنا وانها طريق

بيودى للزنا .. وانتى حتى مفكرتيش تنصحيني وتقوليلى لا يا “آيات” اللى حصل ده غلط .. لا فضلتى تقولى انى طفلة فى ابتدائى وان ده طبيعى طالما بنحب بعض

ثم جمعت أشيائها من فوق الطاولة وحملت حقيبتها وهى تقول قبل أن تغادر :

– بجد اتصدمت فيكي يا “أسماء”

رحلت “آيات” لتترك “أسماء” متجمدة مكانها .. لحظات ونهضت هى الأخرى سارت تبحث عن “آيات” الى أن وجدتها تخرج من باب الكلية فتوجهت تجاهها بسرعة وجذبتها من ذراعها

بشدة وجعلتها تلتفت اليها ثم صاحت بحنق :

– وأنا كنت هعرف منين يعني ان كده غلط .. ليه أسألتى الظن فيا وقولتى انى مش بحبك ومش بخاف عليكي .. أنا معرفش ان كده غلط .. ما كل الناس حولينا بيعملوا كده

ومن غير خطوبة حتى .. ليه شوفتيني وحشة كدة يا “آيات”

ثم اغرورقت عيناها بالعبرات وهى تقول بصوت باكى :

– احنا صحاب من أربع سنين عمرك شوفتيني أذيتك ولا عملت حاجة تحسسك انى مش بحبك ؟ .. ها ردى عليا .. أصلا أنا مليش صحاب غيرك وربنا يعلم انى بحبك أكنك أختى وحتى

مش بحاول أتعرف على بنات تانية لانى حسه ان انتى صحبتى بجد .. وعارفه انك بتحبينى زى ما أنا بحبك .. تيجيى دلوقتى تقوليلى انى مش خايفة عليكي .. والله ما اكنت

أعرف .. أنا افتكرت الموضوع عادى ولما لقيتك مضايقة وبتعيطي قولت اهونها عليكي شوية عشان مبحبش اشوفك مضايقة

ثم قالت بألم :

– بس شكراً اوى يا “آيات” شكرا اوى على الكلام اللى سمعتيهولى ده .. أنا صاحبه وحشة وزبالة ابعدى عنى بأه

قالت ذلك ثم توجهت الى بوابة الكلية وهى تحاول مداراة دموعها التى تجمعت داخل عينيها .. وقفت “آيات” فى مكانها تنظر اليها وهى تبتعد .. ثم تنهدت بضيق شديد وجلست

على أحد المقاعد بوجوم

*************************************

طرقت “آيات” باب مكتب “آدم” ودخلت وقد بدا على وجهها العبوس قالت بهدوء :

– “آدم” هعطلك عن حاجة

قال وهو ينهض ويقف أمامها :

– لا أبداً

وقف ينظر اليها والى المكياج الذى كان يغطى وجهها .. والى التيشيرت الضيق الذى أبرز تفاصيل جسدها .. وضعت الكتب من يدها ووقفت أمامه وقد عقدت ذراعيها أمام صدرها

وهى تقول بضيق :

– اتخانقت مع “أسماء”

قال “آدم” وهو يشعر بالملل من الإستماع الى المشكلة :

– اتخانقتوا ليه ؟

قالت “آيات” بحنق :

– أنا اتغبيت أوى معاها وقولتلها كلام مكنش ينفع أقوله وهى مضايقه منى دلوقتى

قال “آدم” ببساطة :

– خلاص كلميها واعتذريلها وصالحيها

قالت “آيات” بحزن :

– خايفة مترضاش تصالحنى

فقال “آدم” بنفاذ صبر :

– يعني عايزانى أعملك ايه يعني .. أكلمها بدالك وأقولها معلش صالحى “آيات”

شعرت “آيات” بالصدمة من الإسلوب الذى خاطبها به .. فرسمت ابتسامة على شفتيها بصعوبة وأخذت كتبها وقالت بصوت حاولت أن يبدو طبيعياً :

– معاك حق هكلمها وأعتذرلها .. شكراً يا “آدم” وآسفة عطلتك

خرجت مسرعة وأغلقت الباب خلفها وهى تشعر بقطرات الدموع فى عينيها .. لكنها سيطرت عليها ومنعتها من الإنهمار

**************************************

دخلت والدة “إيمان” المطبخ لتجدها واقفة وتغلى شيئاً ما ذو رائحة قوية فقالت لها وهى تتشمم الرائحة المنبعثة من الطنجرة :

– ايه ده بتعملى ايه يا “إيمان”

قالت “إيمان” بوجوم دون أن تنظر اليها :

– شوربة كرنب

قالت أمها بإستغراب :

– ايه شوربة كرنب دى ؟

قالت “إيمان” بهدوء :

– عشان التخسيس يا ماما

قالت أمها وهى تتأفف من الرائحة :

– بس دى ريحتها صعبة أوى يا “إيمان” هتشربيها ازاى دى

قالت “إيمان” بنفاذ صبر :

– هشربها وخلاص

قالت أمها وهى تنظر اليها :

– طيب اتغدى الأول ده أنا عاملة صنية مكرونة بالبشاميل من اللى بتحبيها

قالت “إيمان” بحنق وهى تضع الشوربة فى طبقها :

– مكرونة بشاميل ايه يا ماما بقولك هشرب كرنب عشان أخس .. يعني أقرف نفسي بأم الشوربة دى عشان آكل شوية مكرونة يضيعوا كل اللى عملته

قالت أمها وهى تغادر المطبخ :

– أنا مالى يختى هو أنا اللى هاكل ولا انتى .. انتى حرة اعملى اللى تعمليه

جلست “إيمان” ممسكة بطبقها أمام التلفاز وهى تجبر نفسها على شرب هذا السائل ذو الرائحة القوية

*************************************

نظرت “أسماء” من العين السحرية لتجد “آيات” واقفة أمام الباب .. ترددت قليلاً قبل أن تفتح لها .. نظرت “آيات” اليها بحزن .. فبادلتها “أسماء” بنظرة عتاب ..

دخلت “آيات” وأغلقت الباب قائله بحزم :

– بصى وقبل ما تقولى أى حاجة .. حقك عليا .. أنا غلطت فعلاً وقولتلك كلما صعب .. اعملى فيا بأه اللى انتى عايزاه بس مش ماشية من هنا غير لما تقوليلى انك صالحتيني

ابتسمت “أسماء” ونظرت اليها بعتاب قائله :

– يعني لو قولتلك مش هصالحك مش هتمشى وهتفضلى أعده هنا على طول

ابتسمت “آيات” قائله :

– أيوة

قالت “أسماء” بلؤم :

– طيب مش هصالحك .. عشان تفضلى معايا هنا على طول

عانقتها “آيات” قائله :

– متزعليش منى يا “سمسم” والله بحبك أوى ومقدرش أستغنى عنك خالص

فى تلك اللحظة تعالت أصوات أبوى “أسماء” بالصراخ ودخلا فى احدى شجاراتهما .. فصرخت “أسماء” فيهما :

– اقفلوا عليكوا الباب فى ناس هنا

نظرت “آيات” اليها بحزن .. فقالت “أسماء” بضيق :

– “آيات” امشى دلوقتى

أومات “آيات” برأسها وقد تعالت حدة أصواتهما .. أغلقت “أسماء” باب غرفتها عليها ونامت على فراشها تضع فوق رأسها وسادة تكتم بها تلك الأصوات التى تمنت أن تخرس

للأبــد

**************************************

جلست “آيات” فى حجرة المعيشة تضع اللاب توب فوق قدميها وهى تنظر الى صورة “آدم” التى تحتفظ بها على حاسوبها .. قفز قلبها فرحاً عندما وجدت اتصالاً من “آدم”

ردت قائله :

– ألو

قال “آدم” والذى كان جالساً أمام حاسوبه :

– ازيك يا حبيبتى عاملة ايه

قالت بهدوء :

– الحمد لله ازيك انت

قال بلامبالاة :

– الحمدلله .. بتعملى ايه

ابتسمت وهى تقول :

– أعدة بتفرج على صورتك

ابتسم بسخرية وهو يقول :

– فرحتيني

اتسعت ابتسامتها وهى تقول :

– لما بحس انك وحشنى ببص للصورة عشان أحس انك معايا

قال “آدم” بلامبالة :

– وأنا كمان عايز صورة ليكي عشان لما تكونى مش معايا أبصلها وأحس انك معايا

قالت بلهفه :

– طيب استنى هبعتلك صورة دلوقتى

قال “ببرود” :

– ماشى يا حبيبتى

أخذت “آيات” تنظر الى عشرات الصور التى تحتفظ بها فى حاسوبها ثم قالت :

– محتارة .. مش عارفه أبعتلك أنهى صورة

صمت “آدم” وقد انشغل بالحديث مع “ساندى” عبر الفيس بوك .. قالت “آيات” وهى تنظر الى الصور :

– انت شكلك مبتحبش الميك آب .. أبعتلك صورة من غير ميك آب ؟

قال “آدم” وتركيزه مع “ساندى” :

– ابعتى اللى تحبيها وأكيد هتعجبنى

ابتسمت “آيات” وهى ترسل الصورة وقالت :

– خلاص بعتها

صمتت قليلاً ثم قالت :

– انت مشغول ولا ايه

قال “آدم” بسرعة :

– لا أبداً برد على واحد صحبى مسافر

قالت “آيات” بحزن :

– طيب شوفتها

قال كاذباً :

– أيوة شوفتها .. زى القمر يا حبيبتى

عقدت “آيات” ما بين حاجبيها وقد شعرت ببروده .. فقلت بهدوء :

– طيب يا “آدم” أنا هقفل دلوقتى عشان تتكلم مع صاحبك براحتك

قال “آدم” بسرعة :

– لا يا حبيبتى أنا معاكى خلاص

قالت بهدوء :

– أنا أصلاً هنام دلوقتى .. خلى بالك من نفسك ومتسهرش كتير عشان محاضرة بكرة .. تصبح على خير

– تصبحى على خير

قبل أن تغلق قال “آدم” :

– “آيات” .. بحبك أوى

ابتسمت قائله :

– وأنا كمان بحبك أوى .. باى

أنهت “آيات” المكالمة وهى تشعر بالحزن .. أحياناً تشعر بقرب “آدم” منها وبحبه الكبير لها .. وأحياناً تشعر به بعيداً غريباً بارداً .. اعترفت لنفسها بأنها حتى

الآن لم تستطع فهمه .. اعترفت لنفسها بأنها تشعر بشئ غريب فى قلبها .. شئ يقلقها ويشعرها بالخوف .. شئ يجعلها تفتقد جزءاً من شعورها بالأمان .. شئ القلق ملازماً

لها .. تمنت أن تستطيع فهمه .. وأن تستطيع احتوائه .. وأن تستطيع أن تجعله لا يقوى على فراقها .. ولا يتمنى إلا قربها

****************************************

أنهى “آدم” محادثته مع “ساندى” وأغلق حاسوبه وخرج يبحث عن أمه اقترب من غرفتها ليجدها ساجدة على الأرض فوق سجادة الصلاة .. سمع همهمتها وصوت نحيبها .. جفل قلبه

لمرآها هكذا .. نظر اليها بحزن لأنه يعلم جيداً بأنه سبب بكائها .. وكأنه لا يطيق النظر اليها أكثر عاد الى غرفته مرة أخرى وآوى الى فراشه وهو ينظر الى سقف

الغرفة .. دقائق بعدها امتدت يده الى أحد أدراج الكمودينو ليخرج منه بعض الصور .. أخذ يتأمل صوره مع والدته منذ بضع سنوات .. وتلك الإبتسامة الساحرة التى تملأ

وجهه .. تأمل ابتسامة والدته الحانية وهو يشعر وكأنها تضفى عليه المزيد من الحزن والألم .. نظر الى صورة أخرى على أحد المكاتب الفاخرة وهو يبتسم بسعادة للمصور

.. وصورة تجمعه بـ “زياد” صديقه فى أحد الأماكن والتى تبدو بأنها يُعاد بناؤها أو ترميمها .. أعاد الصور مكانها وتحولت نظراته من الحزن الى القسوة .. وتمتم

بصوت منخفض :

– مش هسيبك غير لما أرجع حقى منك يا “سراج” الـتيييييييييت و أربيك انت وابنك

أغمض عينيه وبداخل رأسه صورة لـ “سراج” تجمعه بإبنه .. “عاصي”

************************************

توقفت سيارة “آدم” أمام الفيلا .. ركبت “آيات” قائله بإبتسامة :

– معلش اتأخرت عليك

ابتسم قائلاً :

– عادتك ولا هتشتريها

ضحكت بعذوبه قائله :

– بأه كده يا “آدم” ماشى

انطلق فى طريقه فقالت له :

– حبيبى فى مكان عايزه أروحه الأول

قال لها :

– فين ؟

قالت “آيات” :

– هوصفلك الطرق

طلبت من “آدم” التوقف أمام أحد فروع جمعية رسالة .. نظر “آدم” الى المنطقة السكنية حوله .. فقالت له “آيات” :

– مش هتأخر عليك هسلم بس حاجة وأرجع على طول

رآها “آدم” تتوجه الى داخل الجمعية فشعر بالدهشة .. انتظرها حتى عادت وركبت بجواره .. سألها بإستغراب :

– كنتى بتعملى ايه هنا ؟

قالت “آيات” بشئ من التردد :

– أنا مشتركة فى الجميعة

قال “آدم” وهو يفرس فيها :

– مشتركة فيها ازاى يعني ؟

قالت “آيات” :

– بكتب الكتب على الكمبيوتر وبجيبهالهم على سي دي وهما بيحولوها لطريقة برايل عشان الناس اللى فقدوا بصرهم يعرفوا يقروها ويستفيدوا منها

شعر “آدم” بالدهشة وهو يستمع اليها .. أدار المحرك وسار فى طريقه دون أن يتحدث اليها .. توقف أمام أحد المطاعم ونزلا معاً .. جلست “آيات” على المقعد المجاور

له وانتظرا احضار النادل لما طلبا .. قالت له “آيات” وهى شارده :

– تعرف يا “آدم” ساعات بحس اننا محظوظين أوى .. ربنا ادانا حاجات كتير حلوة وفى ناس كتير أوى محرومة منها

نظر “آدم” اليها وكأنها يحاول استكشافها .. أكملت دون أن تنظر اليه :

– ربنا خد منى ماما الله يرحمها .. ودى حاجة صعبة أوى انى أتحرم منها ومن حضنها .. بس ربنا عوضنى بأب حنين أوى .. بيحبنى وبيخاف عليا .. بس فى ناس ربنا حرمها

من الاتنين من الأب ومن الأم .. أو بيكونوا عايشين بس مش حنينين وطيبين

ظل ينظر اليها صامتاً .. فنظرت اليه قائله بحزن :

– واحدة صحبتى كده .. باباها ومامتها عايشين بس مش حنينين عليها .. مش بيعرفوا يتفاهموا معاها ولا بيعرفوا يتفاهموا مع بعض على طول خناق وزعيق .. بتصعب عليا

أوى

وجدت “آدم” صامتاً فقالت بسرعة وهى ترسم ابتسامة على شفتيها :

– معلش صدعتك بكلامى .. عارفه انك مبتحبش تتكلم فى المشاكل

نظرت أمامها تتطلع الى المنظر الذى يطل عليه المطعم .. أما “آدم” فإستمر فى تفرسه فيها .. ومشاعر كثيرة متناقضة تتصارع بداخله .. فكر أنه بعد أقل من اسبوعين

سيكشف أوراقه .. وسيخبر “آيات” بالحقيقة وبالسبب الذى دفعه لخطبتها ولكتب كتابها .. رغماً عنه قفز الى رأسه سؤالاَ .. تُرى ماذا سيكون شعورها وقتها ؟ .. ماذا

ستشعر بعدما تعلم أنها كانت جزء من خطته للنيل من عمها وابتزازه ؟ .. ماذا ستشعر بعد أن تعلم أنه ما تقرب إليها إلا من أجل استعادة حقه المسلوب ؟ .. زفر بضيق

وهو ينظر اليها بغضب .. أراد أن يصرخ فيها .. لماذا أنت طيبة هكذا ؟ .. لماذا أنتِ صادقة هكذا ؟ .. لماذا لا تكونين مثل “ساندى” و مثل “بوسي” ومثل باقى الفتيات

من طبقتك ؟ .. لماذا لا تكونين مانيكان للعرض مثلهن .. لماذا تلك البراءة التى لم تستطيعي اخفاءها جيداً خلف مكياجك وملابسك المثيرة ؟ .. لماذا أحببتيني لهذه

الدرجة ؟ .. لماذا لا تكونين كعشرات الفتيات اللاتى ينجذبن الى وسامتى وعملى وثرائي دون الإهتمام بما أحب وبما أكره ؟ .. لماذا تتسللين الى داخل عقلي لتكتشفيه

؟ .. لماذا لا تكتفين بما أظهره لكِ ؟ .. لماذا تريدين المزيد ؟

.. لماذا لا تتركيني وشأنى لأكمل خطتى كما خططت ؟!

حانت من “آيات” التفاته اليه لترى علامات الضيق على وجهه ..فقالت بلهفة :

– “آدم” فى حاجة مضايقاك ؟

زفر بضيق قائلاً وهو يحاول التصرف بطريقة طبيعية :

– شوية مشاكل فى الشغل متشغليش بالك

ابتسمت له ونظرت فى عينيه قائله :

– معلش يا حبيبى بس انت ان شاء الله هتقدر تحلها .. معلش مفيش شغل مفيش فيه مشاكل .. متضايقش نفسك

تطلع اليها للحظة ثم أبعد عيناه عنها وهو يشعر بذلك الشئ يعود ليجثم على صدره مرة أخرى

طلب “آدم” من “آيات” الإنتظار أمام المطعم حتى يحضر سيارته التى صفها على بعد عدة شوارع بسبب زحمة السير .. سمعت “آيات” ضحكات لشابين بالقرب منها فلم تلتفت

اليهما سمعت أحد الشابين يتجرأ عليها بالكلام بكلماته المبتذلة .. التفتت ونظرت اليه نظرة محذرة إلا أن الفتى وجد فيها دافعاً ليزيد من مضايقتها .. شعرت بالحنق

وهى يميناً ويساراً وهى تقول فى نفسها :

– انت فين يا “آدم”

اقترب الشاب منها فالتفتت اليه تقول بحده :

– احترم نفسك خطيبي جاى دلوقتى ولو شافك هيبهدلك

قال الشاب بمياعه :

– يا خسارة هو القمر مخطوب .. ينفع كده يعني تكسر قلبي ده دبت فيك خلاص يا جميل

قالت بغضب وهى تبتعد خطوة للخلف :

– قولتلك احترم نفسك

قال الشاب مبتسماً :

– أحبك وانت متعصب .. هو فى كده .. حتى وانت متعصب زى القمر

توقف “آدم” بسيارته أمام “آيات” التى لاحظ علامات الخوف على وجهها واقتراب الشاب منها .. بمجرد أن رأت “آيات” سيارة “آدم” توجهت اليها مسرعة وركبت ورمقت الفتى

بنظرة غاضبة فتجرأ الشاب وأرسل لها قبلة فى الهواء تحت مرئى من “آدم” .. انطلق “آدم” بسيارته يشق طريقه بين السيارات .. كنت تلهث وكأنها كانت تجرى .. نظر اليها

ليجد جبينها المعقود و نظراتها الغاضبة .. قال وهو يتظاهر بأنه لم ينتبه لما حدث :

– فى حاجة ؟

أخذت نفساً عميقاً وحاولت الابتسام وهى تنظر له قائله :

– لا يا حبيبى مفيش حاجة

ثم التفتت لتنظر من الشباك المجاور لها وقد عقدت حاجبيها مرة أخرى وتبدلت نظرة الغضب الى نظرة حزن .. لم يكن ضيقها بسبب الشاب الذى ضايقها فحسب .. بل بسبب “آدم”

الذى لم يهب لنجدتها أو لتلقين الفتى درساً .. تنبهت “آيات” جيداً لنظرات “آدم” التى رأت ووعت ما يحدث .. ومع ذلك لم يحرك ساكناً وكأنها لا تخصه .. وكأنها ليست

خطيبته وحبيبته وكرامتها من كرامته .. وكأنها لن تصبح بعد عدة أيام زوجته وعرضه .. شعرت بالحزن فى قلبها .. تُرى ألا يغار عليها الى هذا الحد ؟ .. اى رجل فى

مكانه كان تصرفه سيكون مختلفاً .. كان سيثور ويغضب ولربما تشاجر مع الفتى من أجلها .. لماذا حتى لا يطيب خاطرها بكلمة .. لماذا يتظاهر بأنه لم يرى ما حدث .

راقب “آدم” تعبيرات وجهها .. تنهد فى ضيق .. شعر بالإختناق .. شعر بأنه لم يعد يتحمل تلك الأيام التى تفصله عن يوم كتب الكتاب .. لتنتهى لعبته

************************************

عادت “آيات” الى منزلها لتلقى بنفسها على فراشها حزينة دامعة العينين .. قال لها “آدم” قبل أن تخرج من السيارة :

– بحبك يا “آيات”

ولأول مرة تمسع منه تلك الكلمة دون أن يقفز قلبها فرحاً .. شعرت بشئ يسلب فرحتها بها .. شعرت بها وكأنه يقولها لأنه يجب أن يقولها .. شعرت وكأنها كلمة ألقاها

لسانه دون أن يمررها على قلبه .. أخذت تتسائل .. تُرى أيحبنى بالفعل ؟ .. لماذا إذن أشعر بالخوف والقلق والحيرة من نظرات عينيه ونبرات صوته .. تُرى أندم على

ارتباطه بى .. أيرانى غير مناسبة له .. أيخشى من جرح مشاعرى برفضه اياى .. أمسكت هاتفها تنهدت بعمق ثم اتصلت بـ “آدم” .

كان “آدم” واقفاً يستند على سيارته وينظر الى أضواء القاهرة من فوق جبل المقطم عندما وجد اتصالاً من “آيات” رد قائلاً :

– أيوة يا “آيات”

قالت “آيات” بسرعة وكأنها تخشى هروب الكلمات منها :

– “آدم” .. انا عايزة أقولك حاجة واسمعنى للآخر ومتردش غير لما أقولك .. ماشى

صمت “آدم” فقالت بصوت مضطرب :

– “آدم” أنا عمرى ما حبيت حد .. ولا عمرى حسيت بحاجة ناحية أى ولد غير المشاعر العبيطة اللى أى بنت بتحسها فى ثانوي .. بس عمرى ما شاورت على راجل واتمنيت انه

يكون جوزى

صمتت قليلاً ثم قالت بأعين دامعة :

– انت أول واحد أحس نحيته بكده .. أول واحد أقول هو ده الراجل اللى نفسي يكون جوزى .. ونفسى أعيش معاه فى بيت واحد .. ونفسي يحبنى زى ما بحبه .. انت كبرت أوى

فى نظرى لما دافعت عنى يوم ما سواق التاكسى كان بيزعقلى .. احترمتك أوى وحسيتك راجل أوى وعشان كده حسيت انى معجبة بيك .. ولما شوفتك السنة دى معرفش احساسى ده

كبر .. ولما اتقدمتلى كنت طايره من الفرح وبجد حبيتك أوى يا “آدم” لانى شوفت فيك كل اللى كنت بتمناه فى فارس أحلامى

كان “آدم” يستمع اليها فى وجوم .. فأكملت بصوت باكى :

– بس لو انت حاسس ان مش أنا فتاة أحلامك .. وانك ندمت ومش عايز تكمل .. قولى يا “آدم” .. متخفش أنا هتفهم ده لانى عارفه ان مينفعش نكمل مع بعض لو واحد فينا

مش متقبل التانى وخايف يقوله كده عشان ميجرحوش

تساقطت العبرات من عينيها وقالت بصوت مرتجف :

– أنا عارفه ان ده هيكون صعب عليا بس ده أحسن عندى مليون مرة من انى اكتشفت بعدين انك اتجوزتنى عشان متجرحنيش .. “آدم” فى اللحظة اللى أنا بكلمك فيها دلوقتى

أنا مستعدة أسمع منك كلمة مش عايزك يا “آيات” .. لو انت حاسسها قولها دلوقتى .. لأنك لو أجلتها أنا معرفش ساعتها هقدر أتحملها ولا لاء

أغمض “آدم” عينيه وهو محتفظاً يصمته .. فأكملت بصوت مرتجف والعبرات تتساقط على وجنتيها :

– “آدم” خليك صريح معايا .. لو مش عايزنى وندمت قولى دلوقتى وأنا هقول لبابا ان مفيش نصيب ده لو انت خايف تتكلم مع بابا .. ولو خايف عليا متخفش أنا فاهمة ان

الخطوبة بتبقى فترة للتعارف وعشان كل واحد يقدر يشوف هو ده الانسان اللى يتمناه ولا لاء .. يعنى أنا هعذرك ومش هضايق منك يا “آدم”

صمتت “آيات” وهى تحاول السيطرة نفسها ومسح عبراتها التى أغرقت وجنتيها .. قاتل “آيات” بصوت حاولت أن يبدو طبيعياً :

– “آدم” أنا خلصت ومستنية ردك .. حابب تكمل معايا ولا لاء ؟

صمت “آدم” .. وظهرت الحيرة فى عينيه .. والأسى على وجهه .. طال صمته .. فحثته “آيات” قائله والدموه تبلل عينيها من جديد :

– أنا حسه بيها بس عايزة أسمعها منك عشان أفضل فكراها .. عشان تنسيني كل الكلام الحلو اللى سمعته منك قبل كده

صمت فقالت بحده :

– “آدم” رد عليا .. قولتك خلاص أنا فهمت .. بس عايزة أسمعها .. قولها وخلاص وهقفل بعدها ومش هضايقك تانى .. انت عايز تكمل معايا ولا لاء ؟

عض “آدم” على شفتيه بقوة .. وتنهد بقوة ثم أغمض عينيه قائلاً :

– أيوة عايز أكمل معاكى

شعرت “آيات” بالدهشة فلم تكن تلك الإجابة التى شعرت بأنها على طرف لسانه .. قالت “آيات” :

– بجد يا “آدم” .. يعني مش ندمان ؟

قال “آدم” بهدوء وهو يبلع ريقه بصعوبه :

– لا مش ندمان

تنهدت “آيات” بإرتياح وضحكت وسط دموعها قائله :

– حسه انى بحلم .. مكنتش متوقعة انك تقولى كده

اتسعت ابتسامتها وهى تمسح دموعها قائله :

– الحمد لله .. كنت خايفه أوى .. كده ارتحت

لكن شعور “آدم” كان أبعد ما يكون عن الراحة .. ظل يستمع الى السعادة فى نبرات صوتها وكل كلمة تشعره بسواد قلبه أكثر فأكثر .. قالت “آيات” :

– شكلك بره مش كده ؟

تمتم :

– أيوة

قالت “آيات” مبتسمه :

– طيب يا حبيبى متتأخرش ولما تروح طمنى عليك مش هنام إلا لما تتصل

تمتم “آدم” :

– لا نامى يمكن أتأخر

ابتسمت قائله بحنان :

– مش هعرف أنام الا لما أطمن انك فى البيت .. خلى بالك من نفسك

قال “آدم” بخفوت :

– مع السلامة

قالت “آيات” قبل ان يغلق :

– بحبك أوى

صمت “آدم” للحظات .. ثم قال بصوت مضطرب :

– وأنا كمان

ابتسمت وأنهت المحادثة وهى تتنهد فى راحة

أما “آدم” فأخذ ينظر الى الفراغ الشاسع أمامه .. وهو يسمع كلماتها تتردد فى أذنيه .. تشعره بالحيرة والأسى

عاد الى بيته واتصل بها يخبرها بوصوله .. بدل ملابسه وتوجه الى فراشه .. ظل ينظر الى سقف الغرفة .. ثم فجأة قام وتوجه الى حاسوبه وفتح رسالة “آيات” والتى أرفقت

بها صورتها والتى لم يفتحها بعد .. ظل ينتظر تحميل الصورة وهو لا يعرف لما أراد رؤيتها .. ظلت أصابعه تطرق على الماوس بعصبيه .. الى أن ظهرت الصورة .. اختارت

صورة بدون أى زينه .. وابتسامتها العذبه تنير وجهها .. ظل يتأمل ملامحها بإهتمام .. نظر الى عينيها وتذكر أخر كلماتها : بحبك يا “آدم” .. شعر فى تلك اللحظة

بالخوف .. الخوف الشديد .. سيطر شعور الخوف عليه وأخذ فى التزايد فأغلق حاسوبه بسرعة لتختفى صورتها من أمام عيناه

………يتبع

عرض التعليقات (16)