مزرعه الدموع للكاتبه بنوتة اسمرة الجزء الثامن

14 4٬044
 

مزرعه الدموع للكاتبه بنوتة اسمرة الجزء الثامن

مزرعه الدموع للكاتبه بنوتة اسمرة الجزء الثامن

مزرعه الدموع للكاتبه بنوتة اسمرة الجزء الثامن

مزرعه الدموع للكاتبه بنوتة اسمرة الجزء الثامن, معكم صديقة زاكي الشيف الموهوبة ,كريمة جزائرية

البارت الرابع عشرة

انطلق “عمر” بسيارته عائداً الى بيت “سماح” بعدما أنهى مهمته فى مكتبه .. رن هاتفه فأخرجه من جيبه ونظر اليه فوجد “كرم” المتصل :

– أيوة يا “كرم”

– ايه يا “عمر” انت فين ؟

– خلاص أنا فى الطريق أهو

– طيب يلا بسرعة شهل شويه

– خلاص أنا أهو دقيقتين وأبقى أدام البيت سلام

– سلام

أغلق “عمر” هاتفه” وزاد من سرعة سيارته وفجأه …………..

انطلق فى الشارع صوت فرامل السيارة وهى تكبح جماحها بشدة .. بعدما صدم شخصاُ ما ظهر أمامه من العدم فلم يستطيع تفادى الإصطدام به .. سقط الشخص أمامه على الأرض بعدما دفعته السيارة عنها بضعه خطوات أوقف سيارته ونزل بسرعة ليجد فتاة وقد ارتسم على ملامحها الألم الشديد .. لم تستطع “ياسمين” تحمل الألم الذى كانت تشعر به فى ساقها فسقطت مغشياً عليها .. اقترب منها “عمر” وجثا على ركبتيه قائلاً :

– يا آنسه .. يا آنسه

لكن “ياسمين” كانت فى عالم آخر

تجمع بعض الماره من الناس مرددين :

– لا حول ولا قوة الا بالله

– مش تفتح يا أخينا

– حد يسوق العربيه بالسرعه دى

وجه اليهم “عمر” حديثه وهو ينظر الى “ياسمين” قائلاً :

– هى اللى ظهرت أدامى فجأه

فقال له أحد الماره :

– يعني ايه ظهرت فجأه طلعت من تحت الأرض يعني .. أنا شايفك بعيني وانت سايق بسرعه والبنت ملهاش ذنب انت الغلطان .. اتقى الله يا شيخ هو عشان ما انتو أغنيه هتيجوا على الفقرا اللى زينا .. اه ما احنا أرواحنا فى البلد دى رخيصه ملهاش تمن

انفعل عليه “عمر” قائلاً :

– لزمته ايه الكلام ده دلوقتى .. المهم دلوقتى أوصل البنت دى المستشفى

– اه توصلها المستشفى !! .. رجلى على رجلك يا بيه .. معلش بس ولاد الحرام كتير .. ومنضمنش نسيبك توصل البنت دى لوحدك خاصة وانت خابطها والموضوع ده لازم يتبلغ عنه ويكون في محضر عشان حق المسكينة دى ميضعش

قال “عمر” فى غضب :

– اعمل اللى تعمله أنا مش هخاف منك ..

حمل “عمر”جسد “ياسمين” بخفه ووضعها فى المقعد الخلفى لسيارته .. ووجد الرجل الذى تشاجر معه يركب فى المقعد الأمامى وهو يخرج هاتفه ليتصل بالشرطة .. أدار “عمر” السيارة وتوجه الى المستشفى .

*********************

تعالت الزغاريد فى بيت “سماح” بعدما ألبستها والدتها الشبكة .. كانت تعلو شفتيها ابتسامة سعاده ممزوجه بالخجل .. قبل والدها رأسها قائلاً :

– مبروك يا حبيبة قلبي

وسلم على “أيمن” قائلاً :

– مبروك يا ابنى عقبال الفرح ان شاء الله

وقف “أيمن” وحضنه قائلاً :

– الله يبارك فيك يا بابا .. واسمحلى انى أقولك بابا

ابتسم الأب قائلاً :

– طبعاً يا ابنى انت خلاص بقيت ابنى .. ده انت واخد حته من قلبي

وجهت “سماح” حديثها الى والدتها الجالسه بجوارها قائله:

– ماما فين “ياسمين”؟

– والله يا “سماح” ما أعرف .. هى قالت هتروح تجيب أختها من المترو بس اتاخرت أوى

– طيب معلش يا ماما اتصلى بيها

اتصلت الأم بـ “ياسمين” ثم قالت :

– ما بتردش

شعرت “سماح” بالقلق قائله :

– ربنا يستر

طمئنتها أمها قائله :

– متخفيش زمانها جايه ان شاء الله

وفى هذه الأثناء قال “أيمن” لـ “كرم” :

– فين سي “عمر” باشا ؟

– والله يا ابنى ما أعرف قالى دقيقتين وهكون أدام البيت الكلام ده من ساعة الا ربع .. مش عارف بيت مين اللي يقصده بالظبط !! .. شكله بيتكلم عن بيت “نانسي” !!

– طيب اتصل بيه

اتصل “كرم” بـ “عمر” قائلاً :

– ايه يا ابنى انت فين .. كل ده الدقيقتين مخلصوش .. ولا انت بتمشى جوه الجزمة الأول

تنهت “عمر” قائلاً :

– أنا فى المستشفى يا “كرم” عملت حادثه بالعربيه

قام ليبتعد عن “أيمن” ثم قال :

– لا حول ولا قوة الا بالله .. انت كويس ؟ طمنى عليك

– اه كويس بس خبطت بنت بالعربيه وكانت مغمى عليها معرفش جرالها ايه .. الممرضة بتقولى انهم عملولها اشاعه وبيجبسولها رجلها

– لا حول ولا قوة الا بالله

– ودلوقتى فى ظابط عندها بياخد أقوالها

– ظابط ؟؟ وايه اللى وصل الموضوع لكده

قال “عمر” فى ضيق :

– واحد من اللى كانوا ماشيين اتدخل فجأة وقعد يبرطم بالكلام ومرتحش الا أما بلغ البوليس وجم وبياخدوا أقوالها دلوقتى .. استنى أهو الظابط خارج من عندها

قال “كرم” بسرعة :

– “عمر” اوعى تتكلم مع الظابط أو تقول أى حاجه اتصل بسرعة بأستاذ شوقي المحامى بتاع الشركة وما تتكلمش مع حد قبل ما يوصل

– هو ده اللي أنا عملته وآديني اعد مستنيه .. “كرم” اقفل دلوقتى المحامى جه .. سلام

– سلام بس قولى الاول انت فى مستشفى ايه ؟

– مستشفى ….

– طيب أنا جايلك سلام

أغلق “عمر” هاتفه وقال للمحامى الذى أقبل عليه :

– استاذ شوقى كويس انك جيت بسرعه

– خير يا “عمر” ان شاء الله اطمن .. البنت حالتها ايه دلوقتى ؟

– سألت الممرضة قالتلى ان رجلها اتجبست وفى كدمات فى جسمها

– مين اللي بلغ .. أهلها ؟

– لا أهلها لسه مظهروش .. اللي بلغ واحد شاف الحادثه وشهد اني كنت سايق بسرعه عاليه

– انت فعلا كنت سايق بسرعه

ارتبك “عمر” قائلاً :

– ايوة كنت سايق بسرعه

ثم أردف بسرعه :

– بس هى ظهرت أدامى فجأه

– طيب اتكملت مع حد .. حد خد أقوالك

– لأ حاولت أتجنب الظابط عشان ميشوفنيش وانتظرتك تيجي عشان نشوف هنعمل ايه .. ايه الحل دلوقتى أنا مش عايز قضية عايزها تخلص ودى

– ان شاء الله تخلص ودى .. هنديها مبلغ مقابل انها تتنازل عن القضية الموضوع بسيط متقلقش

– أخرج “عمر” دفتر شيكاته وقلمه الأنيق وقال :

– مفيش عندى أى مشكلة .. عشر تلاف كويس

– زودهم شويه يا “عمر” عشان تملى عينيها ومتديهاش فرصه للرفض

– تمام آدى شيك بعشرين ألف .. وكل مصاريف العلاج والمستشفى أنا هدفعهم .. بس عايز الموضوع يخلص دلوقتى

أعطى الشيك للمحامى الذى أخذه منه قائلاً :

– متخفش .. هى فى انهى اوضه

أشار له “عمر” على الغرفة المجاوره قائلاً :

– دخلوها هنا

طرق المحامى الباب وفتحت له الممرضه ثم دخل وأغلق الباب

جلس “عمر” قلقاً متوتراً

**********************

أتصلت “ريهام” بأبيها فرد قائلاً :

– ايوة يا “ريهام” وصلتى ؟

– لا يا “بابا” أنا لسه فى الطريق

– محدش كلمك تانى ؟

– لا يا بابا الممرضة متصلتش تانى .. أنا خلاص عشر دقايق وأكون فى المستشفى

– أنا كمان تقريبا أدامى عشر دقايق ربع ساعه .. جيب العواقب سليمه يارب

– متقلقش يا بابا الممرضة طمنتنى ان شاء الله خير

أغلقت الهاتف فى المترو وهى تبكى فى صمت و تستغفر ربها وتدعوه أن يحفظ أختها

**********************

خرج المحامى من غرفة “ياسمين” فهب “عمر” واقفاً فوقف الرجل أمامه ومد يده له بالشيك .. نظر “عمر ” الى الشيك فى يد المحامي فغضب وأخرج دفتر شيكاته مرة أخرى وقال بحده :

– مفيش مشكلة هزودلها المبلغ .. هى طالبه كام؟

– مش طالبه حاجة مفيش قضية أصلاً

قال “عمر” بدهشة :

– ازاى يعني مفيش قضية

ابتسم المحامى قائلاً :

– زى ما بقولك كده .. قالت فى أقوالها للظابط انها هى اللى غلطانه وانها كانت ماشيه مش مركزه وانها مش عايزة تقدم ببلاغ ولا تشتكيك

صمت “عمر” وهو مندهش .. فقال له المحامي:

– طيب بما ان مهمتى انتهت أستأذن أنا

– معلش تعبتك معايا يا أستاذ شوقى

– مفيش مشكلة يا “عمر” أشوفك فى الشركة .. مع السلامة

– مع السلامة

ظل “عمر” واقفاً وهو يفكر فيما فعلته الفتاه .. فى تلك اللحظة خرجت الممرضة من غرفتها فقال لها “عمر” :

– هى عامله ايه دلوقتى ؟

– كويسه .. عندها كسر فى رجلها والدكتور حطهالها فى الجبس وان شاء الله الجبس هيتفك بعد اسبوعين .. وفى شوية كدمات بسيطه هتاخد وقتها

– طيب متشكر أوى

انصرفت الممرضة فتوجه “عمر” الى الغرفة التى ترقد فيها “ياسمين” وطرق الباب بضع طرقات ثم فتحه ودخل.

رفعت “ياسمين” نظرها لتجد رجلاً غريباً أمامها كان يرتدى بدلة سوداء عليها معطف أسود اللون .. رفعت يدها لتتأكد من ضبط حجابها .. قال لها بصوت رخيم :

– ازيك دلوقتى ؟

قالت وقد شعرت بالخجل من نظراته المتفحصه فأطرقت بوجهها :

– الحمد لله

– أنا اطمنت عليكِ انك ان شاء الله هتشيلي الجبس بعد اسبوعين

أومأت برأسها وهى مازالت لا تدرى من هو وماذا يفعل فى غرفتها .. فسألته قائله :

– حضرتك ظابط ولا محامى ؟

ابتسم “عمر” ابتسامه زادته وسامه وقال :

– لا أنا لا ظابط ولا محامى أنا مهندس

شعرت “ياسمين” بجاذبيه عينيه السوداويين وكأنهما مغناطيس .. فأبعدت عينيها بسرعه واحمرت وجنتاها لهذا الوضع الذى تبدو فيه أمام هذا الزائر الغريب فلم تعتد أن يراها رجلا ً غريبا وهى ممده هكذا فى فراشها فشعرت بالارتباك وحاولت جذب الغطاء عليها أكثر ودت لو طلبت منه الانصراف .. شعر “عمر” بتوترها فلم يزيده هذا الا تفحصاً فيها .. ثم استطرد بجديه قائلاُ :

– أنا آسف على اللى حصل .. بس بجد مشفتكيش انتِ ظهرتى أدامى فجأه

نظرت اليه “ياسمين” بدهشة قائله :

– حضرتك اللي خبطنى ؟

تنحنح قائلاً :

– ايوة .. بس بجد مشفتكيش

أطرقت “ياسمين” برأسها وقالت :

– أصلا أنا اللي كنت ماشيه ومش مركزة لو كنت انتبهت مكنش ده حصل

– وأنا كمان كنت سايق بسرعة لو كنت بطئت شوية كنت عرفت أتفاداكِ

– قدر الله وما شاء فعل .. نصيبي كده

– أنا متشكر أوى انك ما اشتكيتيش عليا

– زى ما قولت لحضرتك وللظابط وللمحامى دى غلطتنى أنا

أخرج الشيك من جيبه واقترب من فراشها ومد يده به قائلاً :

– طيب لو سمحتِ اقبلى المبلغ الصغير ده

رفعت “ياسمين” نظرها اليه قائله :

– قولت لحضرتك أنا اللي غلطانه وخلاص حصل خير

– بس أنا حاسس بالذنب لاني فعلا كنت سايق بسرعه فلو سمحتى اقبليه

احتدت “باسمين” قائله :

– لا طبعا مش هقبله

– ليه

– لأنه مش من حقى .. وحتى لو كنت انت اللي غلطان أنا مش بقبل عوض

– طيب أنا آسف أنا مكنش قصدى أضايقك

حاولت السيطرة على غضبها وقالت :

-حصل خير .. ولو سمحت ممكن بعد اذنك تتفضل لأن مفيش ممرضة معانا وميصحش كده

اندهش “عمر” مما قالته فقال :

– انا اسف مرة تانية أنا بس كنت عايز أطمن عليكِ وأشكرك يا انسه ….

سكتت ولم تجيبه .. فحثها قائلاً :

– لحد دلوقتى معرفتش اسمك

قالت بصوت خافت :

– أنا اسمى ياسمين

– وأنا اسمى عمر.. وبشكرك مرة تانية .. ولو احتجتى حاجه أنا …..

قاطعته قائله دون أن تنظر اليه :

– شكراً

هز “عمر” رأسه وتوجه الى الباب وفتحه وخرج .. وجد أمامه رجلا يرثى لحاله وبجواره فتاة باكيه , جرى ناحيته وقال له بلوعه :

– بنتي كويسه ؟ “ياسمين” جرالها ايه ؟

ربت “عمر” على كفته قائلاً :

– متقلقش حضرتك هى كويسه

– هى جوه فى الاوضة دى ؟

– ايوة جوه اتفضل

دخل والدها وأغلق الباب .. وقف “عمر” قليلا ثم انصرف

***********************

خرج “عمر” من المستشفى ليجد “كرم” أمامه , توجه ناحيته قائلاً :

– خير يا “عمر” طمنى ايه اللي حصل ؟

– لا خير الحمد لله تعالى نقعد فى أى مكان ونتكلم

– طيب هات عربيتك وتعالى نروح الكافيه بتاعنا

– طيب تمام

توجه كل منهما الى سيارته وغادرا المستشفى

*********************

– كده يا “سمسم” تخضينا عليكِ

– معلش يا “ريهام” مكنش قصدى .. أنا أول ما فوقت قولت للمرضه تكلمك عشان عارفه انك واقفه مستنيانى فى المترو

– ده أنا كنت هموت لما اتصلت بيا وقالتلى ان عربيه خبطتك

قال لها والدها وهو يجلس بجوارها على الفراش :

– الحمد لله يا بنتى جت سليمه قدر ولطف

– الحمد لله يا بابا

– والجبس محدش قالك هيتفك امتى

– اه الدكتور قالى هيتفك كمان اسبوعين ان شاء الله

– ان شاء الله

سكت الأب قليلا ثم قال :

– مين الجدع اللي كان خارج من اوضتك ده

ارتبكت “ياسمين” قليلا ثم قالت :

– ده الراجل اللي خبطنى بالعربيه

انفعل الأب قائلاً :

– وله عين كمان .. أنا لو أعرف كنت مسكت فى زمارة رقبته

أسرعت “ياسمين” قائله :

– هو ملوش ذنب يا بابا أنا اللي مكنتش مركزه وكنت ماشيه سرحانه

– وليه يا بنتى كده مش تركزى يعني كنت هعمل ايه أنا دلوقتى لو كان حصلك حاجة

تدخلت “ريهام” قائله :

– خلاص يا بابا حصل خير

– أنا قايم أشوف حساب المستشفى .. شكلها مستشفى غالية أوى ربنا يستر

شعرت “ياسمين” بالذنب لما كبدته لوالدها من مصاريف .. خرج الأب فجلست “ريهام” بجوارها وأخرجت قلما وبدأت فى الكتابه على ساقها المتجبره .. ضحكت “ياسمين” قائله :

– بتعملى ايه يا بت انتِ

– بكتبلك ذكرى على الجبس بتاعك

– على أساس انى هفضل متجبسه طول عمرى يعنى

– بس ايه الواد المز ده يا “ياسمين” يا خراشي ده يحل من على حبل المشنقة .. ده نضيف نضافه .. بياكل ايه ده

ضحكت “باسمين” قالئه :

– يخربيت عقلك هو انتِ كنتِ فى ايه ولا فى ايه

– اه أنا صحيح كنت قلقانه عليكِ ومفطوره من العياط بس ده ميمنعش انى أخدت بالى من لهطة القشطة اللى كان عندك

ازدادت ضحكات “ياسمين” من اسلوب أختها قائله :

– اه لو ابوكِ سمعك

– أبويا مين ده أنا مستعده أخسر أهلى كلهم .. ده ريحة البرفيوم بتاعه لسه معبأه الأوضة .. ايه الناس دى

سمعا طرقا على الباب فقالت “ياسمين” :

– طيب اخرسى بأه أبوكِ جه

دخل “عبد الحميد” وقد ارتسمت ابتسامه على محياه .. لاحظتها “ياسمين” فقالت له :

– خير يا بابا ؟

– والله جدع ابن حلال دفع مصاريف المستشفى واقامتك فيها اسبوعين

قالت “ياسمين” بدهشة :

– اسبوعين ؟! .. بس الدكتور قالى انى ممكن أروح كمان يومين

أخذت “ياسمين” تفكر فى كرم هذا الرجل الغريب

*************************

أحضر النادل الطعام ووضعه أمام الصديقان, ثم انصرف .. قال “كرم”:

– هاا وبعدين ؟

– مفيش شكرتها ولما جيت أخرج قابلت باباها على الباب ومعاه بنت بتعيط وكان واضح انهم قلقانين عليها أوى

سكت قليلا ثم قال :

– الراجل كان شكله بسيط أوى .. اللى أنا مستغربله انها رفضت تماما انها تاخد الفلوس رغم ان واضح جدا انهم ناس على أد حالهم

– عشان هى قالتلك انها هى اللى غلطانه

– حتى لو هى اللي غلطانه فى حد فى الزمن ده يجيله فلوس كده لحد عنده ويرفضها .. ومش بس كده ده أنا لما أصريت عليها حسيت انها هتقوم تضربني

ضحك “كرم” قائلاً :

– ياريتها كانت عملتها

قال “عمر” بجديه :

– بصراحه لما المحامى قالى انها مشتكتش ضدى استغربت لأن أى حد مكانها كان اشتكى عشان يساومنى على تعويض .. وكمان هى غريبه أوى تصور لقيتها بتطلب منى أخرج من الأوضة عشان الممرضة مش موجوده ومفيش حد فى الاوضة الا أنا وهى

نظر اليه “كرم” وهو يبتسم

أكمل “عمر” قائلاً :

– ولا لما ببصلها كل ما عيني تيجي فى عينها ألاقى وشها يحمر وتبعد عينيها

– شكلها خجوله أوى

ابتسم “عمر” قائلاً :

– هو لسه في بنات كده

****************************

– ألف سلامة عليكِ

قال “مصطفى” هذه العبارة عبر الهاتف , فقالت “ياسمين” :

– الله يسلمك

– أنا زعلت عشانك أوى وزعلت أكتر ان فرحنا هيتأجل اسبوع كمان يعني بدل ما كان أدامنا اسبوع بؤوا اسبوعين

أطرقت “ياسمين” فى خجل ولم تجب

– أنا نفسي الوقت يمر بسرعة عشان أخدك فى حضنــ …

قاطعته “ياسمين” بسرعة قائله :

– لو سمحت .. مينفعش حضرتك تكلمنى كده

احمرت وجنتاها بشده من الخجل ومن الغضب

أتاها صوته وهو يتحدث ببرود قائلاً :

– ليه مينفعش خلاص كلها اسبوعين وتكونى مراتى

– أما ابقى مراتك

– طيب براحتك سلام

– مع السلامه

أغلقت “ياسمين” وهى تشعر بغضب شديد من جرأته فى الكلام معها .. ومن قلة ذوقه عندما أسرع بإنهاء المكالمة ..

************************

أثناء جلوس “عبد الحميد” على المقهى وهو شارد يفكر فى حاله وحاله بناته أقبل عليه شاب وقف أمامه ويبدو عليه علامات التردد .. نظر اليه “عبد الحميد” مستفهما فلم يتحدث الشاب .. فقال له “عبد الحميد “:

– خير يا ابنى فى حاجه ؟

عدل الشاب من وضع عويناته التى يرتديها وقال فى ارتباك :

– حضرتك أستاذ ” عبد الحميد منصور”

– أيوة يا ابني أنا

– أنا .. يعني .. حضرتك .. أنا “وائل”

انتظره “عبد الحميد” ليكمل كلامه لكن الشاب صمت .. فقال له :

– أهلا بيك يا ابنى .. اتفضل اقعد

فجلس الشاب وقد ازداد ارتباكه قائلاً :

– أنا .. كنت عايز أتكلم مع حضرتك فى موضوع .. يعني .. أنا .. يعني .. بنتك .. “ريهام”

قال “عبد الحميد” بسرعة :

– مالها “ريهام” بنتى جرلها حاجة فى الكليه ؟

أسرع الشاب قائلاً :

– لأ لأ هى كويسه أنا لسه شايفها من شويه

تصاعد غضب “عبد الحميد ” قائلاً :

– يا ابنى اتكلم مش فاهم منك حاجه

– احم احم .. يعني .. أنا كنت عايز .. أقول لحضرتك .. انى عايز “ريهام”

قال الأب فى غضب :

– اللهم طولك يا روح يعني ايه عايز “ريهام” ؟

– قصدى يعني أنا عايز .. يعني أنا وهى نتجوز

هدأ “عبد الحميد” قليلاً وهو يرمق الشباب بنظرات غيظ .. فقال الشاب :

– بصراحة يا أستاذ “عبد الحميد” ماما قالتلى انى أجى لحضرتك عشان أقول لحضرتك اننا عايزين نزوركوا فى البيت

– طيب يا ابنى .. يشرفنى ده طبعا .. بس فرح بنتى الكبيره كمان أربع أيام فلما يخلص الفرح الأول وأطمن عليها نبقى نشوف موضوع “ريهام”

– طيب يا أستاذ “عبد الحميد” ياريت تحدد معاد عشان أقول لماما عليه

نظر اليه “عبد الحميد” شزراً وقال له :

– قولها اسبوع كده وان شاء الله تشرفونا فى البيت

قام الشاب ومد يده وسلم عليه وقال بفرح :

– متشكر جدا لحضرتك .. ومبروك لبنتك الكبيرة .. السلام عليكم

– وعليكم السلام

البارت الخامس عشرة

– “عمر” انت ليه متغير معايا

قالت “نانسي” هذه العبارة أثناء جلوسها مع “عمر” فى أحد المطاعم .. رد “عمر” قائلاً :

– مش متغير ولا حاجه يا “نانسي” بس الفترة اللى فاتت كنت مشغول جدا وكمان كنت بسافر المزرعة كتير عشان انتِ عارفه ان أمورنا مش مظبطه هناك

– مش انت خلاص شغلت واحد صحبك فيها

– أيوه بس مش هطمن الا أما نخلص الرش ونشوف النتيجه ونعرف هننقذ أد ايه بالظبط من المحصول

– أنا يا “عمر” مغلطاك بصراحه .. يعني ازاى تسيب ادارة مزرعه كبيرة كده لواحد أول مرة يشتغل عندك

احتد “عمر” قائلاً :

– أولا “أيمن” ده صاحبي وأخويا مش واحد من الشارع .. ثانياُ “أيمن” مش بيشتغل عندى “أيمن” بيشتغل بنسبه يعني أكنه بيشتغل فى ملكه

احتدت “نانسي” هى الأخرى :

– وانت شايف ان ده صح .. “عمر” انت كده بتطمع الناس فيك

– “نانسي” لو سمحتى أقفلى على الموضوع أنا أدرى بشغلى .. أنا مش عيل صغير ..لا اسألى عنى فى السوق كويس وانتِ تعرفى مين هو “عمر الألفى”

– طبعا يا حبيبى عارفه وواثقه فى قدرتك على ادارة شغلك

غير “عمر” الموضوع قائلاً :

– أنا خلاص يعتبر خلصت تعديلات الديكور فى الجناح بتاعنا فى الفيلا .. مفضلش غير اننا ننزل نختار الأثاث سوا

قالت “نانسي” بتبرم:

– انت لسه مصر اننا نعيش عند أهلك فى الفيلا .. ليه يا “عمر” ميكنش لينا مكان خاص بينا

قال “عمر” وقد ضاق ذرعاً :

– “نانسي” احنا فتحنا الحوار ده مليون مره .. وكل مرة بعيد نفس الكلام .. ماما وبابا ملهمش غيري .. وبابا معظم الوقت فى الشغل أو مسافر .. وأمى لوحدها طول اليوم .. ايه اللى يخليني أعيش فى مكان تانى وفيلتهم طويله عريضه هيكون لينا فيها مكان خاص بينا يعني اكنك عايشه فى شقه مستقله خاصه بيكِ بس الفرق ان الشقة دى هتكون جوه فيلتنا

رسمت ابتسامه صغيره على شفتيها قائله :

– خلاص يا حبيبى اللى تشوفه

صمت “عمر” قليلا ثم نظر اليها قائلاً :

– “نانسي” انتِ حسه اننا مناسبين لبعض

قالت بدهشة :

– مش فاهمة قصدك ايه

قال فى حيره :

– مش عارف ساعات بحس اننا مفيش حاجه متفقين عليها

– “عمر” انت معدتش بتحبنى ؟

– لا بحبك وعيني مش شايفه غيرك .. بس حاسس ان عقلى مش بيبطل تفكير

حاولت “نانسي” معرفة ما يدور فى عقله قائله :

– بتفكر فى ايه بالظبط

– لا متحطيش ببالك ويلا عشان نطلب الأكل

– طيب قولى الأول انت مسافر المزرعة تانى امتى ؟

– مسافر بكرة ان شاء الله

– طيب انت مش وعدتنى انك هتاخدنى معاك

– خلاص مفيش مشكلة لو عايزة تيجي تعالى بس شوفى ظروف مامتك وباباكِ الأول

قالت “نانسي” بدهشة :

– مامي وبابي ليه ؟ هما هييجوا معانا ؟

نظر اليها “عمر” نظره طويله ثم قال :

– أمال هنقعد أنا وانتِ فى بيت المزرعة لوحدنا ؟! هناك بلد أرياف مش زى هنا .. يعني أكيد الناس هتتكلم عنى وعنك .. وكمان فرصه عشان أهلك يغيروا جو

– خلاص يا حبيبى اللى تشوفه

*********************

رن جرس الباب فأسرعت “ريهام” بفتح الباب وقالت مبتسمه :

– ازيك يا “سماح” منوره

دخلت “سماح وقبلتها ثم قالت :

– ازيك انتِ يا “ري ري ” .. أمال فين “ياسمين” ؟

ضحكت “ريهام” قائله :

– اهى جوه على السرير هتروح فين يعني برجليها المسلوخه دى

سمعتها “ياسمين” فصاحت :

– أنا رجلى ملسوخة .. ماشي يا أم لسان طويل

قبلتها “سماح” وقالت :

– أخبارك ايه النهارده .. ها هتفكى البتاع ده امتى

– خلاص هانت بكرة ان شاء الله هفكه

– طيب الحمد لله أحسن كان شكلك هيبقى وحش أوى فى الفرح

تجهم وجه “ياسمين” عندما تذكر أن فرحها بعد 3 أيام .. لاحظت “سماح” ذلك فقالت لـ “ريهام” :

– ايه معندكوش حاجه تتشرب ؟

– لا طبعا في .. حالا هعملك كوباية الشاى أبو لبن بتاعتك

– تسلميلى يا “ريهام”

خرجت “ريهام” من الغرفة , واقتربت “سماح” وجلست بجوار “ياسمين” على السرير قائله :

– مالك يا “ياسمين” شكلك مش عاجبنى خالص .. ده شكل عروسه فرحها كمان 3 أيام ؟

قالت “ياسمين” فى حزن :

– عروسه ؟! .. لما بتقولوا الكلمه دى بحس انكوا بتقولوها لحد تانى .. أنا مش حسه أبدا انى عروسه

– ليه يا حبيبتى بتقولى كده ؟ عشان والدتك الله يرحمها ؟ هى أكيد حاجه صعبه عليكِ بس انتِ لازم تفكرى فى حياتك ومستقبلك يا “ياسمين” مش بقولك انسي والدتك بالعكس افتكريها وادعيلها واعمليلها صدقة جاريه كمان بس متوقفيش حياتك انتِ

تنهدت “ياسمين” قائله :

– مش بس موت ماما الله يرحمها هو اللى مضيع فرحتى يا “سماح”

– أمال فى ايه ؟

– أنا مش حسه انى عايزه أتجوز .. يعني حسه انى معرفش البنى آدم ده .. أنا معرفش أى حاجه عنه يا “سماح” لا أخلاقه ولا طباعه .. بالعكس فى حاجات كتير بتضايقني منه .. مش عارفه ازاى المفروض يتقفل عليا باب واحد أنا وهو مش قادرة أتخيل ده أبداً .. حسه انى بموت يا “سماح” حسه انى مخنوقه أوى وجوايا ضيق رهيب .. حسه انى عايزة أصرخ وأصرخ لحد ما اتعب

– طيب متكلمى باباكِ عشان ……

قاطعتها “ياسمين” قائله :

– بابا مصر على اللى فى دماغه .. أنا عذراه انه خايف عليا وعايز يسيبنى فى ضهر راجل هو ماشي بمبدأ ضل راجل ولا ضل حيطه .. بس أنا تفكيري مش كده … أنا عندى الحيطة أحسن مليون مرة من راجل مش عايزاه

– انتِ مش عايزه “مصطفى”

احتدت “ياسمين” قائله :

– هو أنا أصلا أعرفه عشان أحس انى عايزاه ولا مش عايزاه.. تعرفى يا “سماح” لو “مصطفى” جه دلوقتى وفسخ الخطوبه أنا مش هزعل .. لاني مش حسه بأى حاجه نحيته ولا شايفه ان فيه حاجه واحده تشجعنى على الارتباط بيه

صمتت قليلا ثم قالت :

– أنا رميت حمولى على ربنا يا “سماح” وواثقة انه مش هيضيعني .. أنا عارفه ان ربنا هيختارلى الخير .. وأنا راضيه بقضاؤه أى ان كان .. حتى ولو كان ضد رغبتى

– ربنا يريح قلبك يا “ياسمين”

– عارفه يا “سماح” قصه السفينه اللى فى سورة الكهف ؟

– آه عرفاها

– سيدنا الخضر عليه السلام خرق السفين بتاعة ناس مساكين بيتشغلوا بيها وهى مصدر رزقهم ولما شافه سيدنا موسي عليه السلام بيعمل كده حزن ولامه عشان عمل كدة فى سفينه ناس غلابه .. بس ربنا كان له حكمه من كده ان كان فى ملك بياخد السفن غصب من الناس وبيصاردها ولما مرت السفينة على خدام الملك مرضوش ياخدوها لأنها كانت معيوبة بعد ما سيدنا الخضر خرقها .. لو مكنش سيدنا الخضر عليه السلام عمل كده كان زمان الناس المساكين دول خسروا سفينتهم والملك صادرها .. أنا كل ما بفتكر القصة دى برتاح أوى .. وبطمن ان ربنا أكيد رايدلى الخير “وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم”

– ونعم بالله .. وعشان انتِ أحسنتِ الظن بالله أنا واثقه ان ربنا هيكتبلك الخير يا “ياسمين” ومش ممكن حد يضرك أبداً

– ان شاء الله

– لسه مصره انك متلبسيش فستان فرح

– أيوة يا “سماح” مش حبه ألبس فستان فرح هلبس فستان حلو أنا اشتريته وجبت عليه طرحه حلوة اوى هيعجبك

– ماشي يا حبيبتى المهم تكونى انتِ مبسوطة

عانقت “سماح” صديقتها وهى تدعو الله فى سرها أن يبدل حزنها فرحاً

***************************

جلست “نانسي” مع والدتها فى التراس قائله :

– حسه ان “عمر” كل مدى بيبعد عنى

قالت “نادين” بإهتمام :

– ازاى ؟

– مش عارفه بس حسه بكده .. معدش ملهوف عليا زى الأول

صاحت أمها بغضب :

– فالحه يا “نانسي” فالحه

– أوووف يا مامي أنا مش بقولك كده عشان تقطميني

– أمال بتقوليلي ليه عشان تحرقى دمي

– لأ عشان أقولك اننا رايحين بكره مع “عمر” على المزرعة بتاعته اللى فى المنصورة دي

– لا أنا مليش فى الجو ده

قالت “نانسي” بتبرم :

– ولا أنا عايزاكِ معايا بس الباشمهندس “عمر” أصر انك وبابا تيجوا معايا

– طيب خلاص مش مشكله الغى السفريه ومتسافريش

قالت “نانسي” بإصرار :

– لأ لازم أسافر معاه

– ليه بأه

– عشان هناك هعرف ازاى أرجعه “عمر” اللى هيموت عليا

– والله انتِ بتاعة كلام وبس

قالت “نانسي” بزهو وتفاخر :

– بكرة تشوفى

********************

دخل “كرم” الى مكتب “عمر” بالشركة قائلاً :

– ها يا “عمر” ناوى على السفر امتى ؟

– النهاردة ان شاء الله

– طيب تمام أنا جاى معاك

– لا مفيش داعى خليك انت

– لا جاي معاك أهو أساعد فى أى حاجه انت شايل الحمل لوحدك

– مش لوحدى ولا حاجه “أيمن” موجود

– أهااا “أيمن” موجود .. يبقى “كرم” شكرا .. مش كده

ضحك “عمر” قائلاً :

– تصدق أنا اللى غلطان .. عايز تيجي تعالى

ثم استطرد قائلاً :

– على فكرة “نانسي” ومامتها وباباها جايين هما كمان

– أهااا .. تمام .. طيب يعني أجى بعربيتى ولا ايه

– لا مفيش داعى هاخدك انت و”نانسي” فى عربيتي وهما هيجوا بعربيتهم ..

– متأكد .؟ .. مش عايز أبقي عزول وداخل بين البصلة وقشرتها وتدعى عليا طول الطريق

ضحك “عمر” قائلاً :

– لا يا “كرم” متقلقش أنا أصلا بدعى عليك من غير حاجه

– تًشكر يا ذووووء

********************

فى الطريق الى المنصورة انطلقت سيارة “عمر” وبجواره “نانسي” وفى المقعد الخلفى يجلس “كرم” وخلفهم سيارة والد “نانسي” ووالدتها .. التفتت “نانسي” قائله لـ “كرم” :

– كده برده متحضرش الخطوبة يا “كرم” .. ده انت أقرب صديق لـ”عمر”

قال “كرم” معتذراً :

– معلش يا “نانسي” يومها كان نفسي أحضر بجد .. بس كان فى سفريه مهمة يومها ومينفعش يقوم بيها غير أنا أو “عمر” ..

ثم ضحك قائلاً :

– يعني لو كنت حضرت مكنش العريس هيعرف يحضر عشان كده ضحوا بالجنين عشان الدكتور يعيش

أطلقت “نانسي” ضحكة عاليه قائله :

– انت مصييه بجد

توقف “عمر” بجوار احدى الكافيتريات على الطرق قائلاً :

– هجيب مايه .. عايزين حاجه أجيبهالكوا

– “نانسي” : لا ميرسي

– “كرم” : آه يا “عمر” الله يكرمك عايز شيتوس ولمبادا

التفت له “عمر” قائلاً :

– نعم يا أخويا .. شيتوس ولمبادا

– آه يا “عمر” بس لمبادا بالشكولاته مليش فى الفراولة

أطلقت “نانسي” ضحكة عاليه أخرى

– محسسنى انى خلفتك ونسيتك يا ابنى .. انزل هات لنفسك

– ما انت نازل يا “عمر” هاتلى فى ايدك وانت جاى

قال وهو يخرج من سيارته :

– حاضر اللهم طولك يا روح

التفتت “نانسي” الى “كرم” الجالس خلفها قائله :

– معرفش ان دمك خفيف كده يا “كرم”

– دى أقل حاجه عندى

ضحكت مرة أخرى قائله :

كان نفسي صحبك يطلع زيك كده

– “عمر”؟

– آه .. بحس انه جد أوى ومتنشن على طول

– بالعكس “عمر” دمه خفيف وتحبي تتكلمى معاه .. هو بس يمكن اليومين دول اللى شادد شوية عشان ضغط الشغل

– طيب ما انت معاه فى الشغل ومع ذلك مش متنشن كده

صمتت قليلا صم قالت :

– الا قولى يا “كرم” انت بتشتغل ايه عند “عمر” ؟

ابتسم بسخريه قائله :

– مين ضحك عليكِ أصلا وقالك انى شغال عند “عمر”

قالت مستفهمه :

– أمال ايه ؟

– أنا شغال مع “عمر” مش عند “عمر” .. أنا شريك فى مجموعة شركات الألفى بنسبة 30%

رفعت “مانسي” حاجبها فى دهشة ..ولمعت عيناها ببريق خبيث وقالت :

– تصور مكنتش أعرف .. يعني انت و”عمر” شركا

– أيوة شركا

فى تلك الأثناء عاد “عمر” وشعر بالضيق عندما وجد “نانسي” ملتفه تماما للخلف بهذه الطريقة .. صعد الى سيارته فاعتدلت “نانسي” فى مقعدها وانطلق يكمل طريقه الى المزرعة

***********************

طرق “رأفت” باب حجرة صديقه , فقال “مصطفى” :

– ادخل يا “رأفت”

دخل “رأفت” ونظر الى “مصطفى” الذى يرتب ملابسه فى حقيبته قائلاً :

– ها يا درش خلاص ناوي

– اه يا ابنى معدش الا يومين على الفرح يدوبك أظبط البدله واتفق مع الحلاق

– طيب والشقة مش ناقصها حاجه ؟

– لا كله زى الفل .. أبويا قام بالشغل كله

– أخدت أجازة أد ايه

انفعل “مصطفى” قائلاً :

– ولاد الـ تيييييييييييت مرضوش يدولى إلا اسبوع واحد طبعا منهم اليومين دول وخمس أيام بعد الفرح .. بالله عليك فى عريس يخسفوا الأرض بشهر العسل بتاعه من شهر لخمس أيام .. حاجه تيييييييييييت

ضحك “رأفت” قائلاً :

– معلش يا درش .. أصلك الفترة الى فاتت كنت واخد أجازات كتيره فطبيعي ميرضوش يدوك أكتر من أجازتك اللى بتاخدها كل شهر

– يلا خير

– هتمشي امتى ؟

– حالا ان شاء الله .. آه بالحق مستنيك فى الفرح اوعى متجيش تبقى ندل وابن تييييييييت

ضحك “رأفت” قائلاً :

– لا متقلقش قاعد على قلبك .. ومبروك يا عريس

– الله يبارك فيك يا “رأفت” أشوفك على خير .. يلا سلام

– سلام

ثم حمل حقيبته وانصرف .

*********************

قال “عمر” لـ “نانسي” وهما يسيران معاً داخل المزرعة :

– ايه رأيك فيها ؟

– فى ايه ؟

– المزرعة

– آه .. آه حلوة

– عارفه يا “نانسي” ده أكتر مكان برتاح فيه لما باجى هنا بنسي كل حاجه فى الدنيا مبفتكرش غير الخضرا والسما والنيل

قالت “نانسي” ويبدو عليها علامات الضجر :

– بس يا “عمر” المكان هنا ممل شوية

قال “عمر” بإستغراب :

– ممل ؟

– أيوة .. متفهمنيش غلط ..بس دى قريه ومفيش فيها أى حاجه الواحد يسلى بيها نفسه

– أولا بينا وبين المنصورة نفسها ربع ساعه بس وفيها أماكن حلوة كتير .. وثانيا لما باجى هنا مببقاش عايز لا دوشة ولا زحمه .. بحب أستمتع بالهدوء والسكينه اللى هنا فى المزرعة

رأى شجرة فأسرع الخطى ومسح على جزعها بكفه وارتسمت على شفتيه ابتسامه كبيره قائلاً :

– شايفه الشجرة دى زرعتها بنفسي من زماان .. كنت فى اعدادى وجدى ساعدنى وعرفنى ازاى أزرعها

أقبل “أيمن” عليهما فانفرجت أسارير “نانسي” لقدومه فلقد وجدت فيه فرصه للهروب من حديث “عمر” الذى أشعرها بالضجر ..التفتت الى “عمر” قائله :

– هسيبكوا بأه تشوفوا شغلكوا

ثم وجهت حديثها الى “أيمن” قائله :

– ازيك يا “أيمن”

هز رأسه مردداً :

– أهلا بحضرتك

انصرفت “نانسي” وتركت الصديقان بمفردهما .. قال “أيمن” معتذراً :

– معلش يا “عمر” جيت فى وقت مش مناسب ولا ايه .. أصل فى ورق محتاج امضتك عليه ومخدتش بالى ان خطيبتك معاك الا لما قربت منكوا

ابتسم “عمر” لصديقه قائلا :

– لا يا “أيمن” محصلش حاجه .. هات الورق

قرأ “عمر” الورق ثم أخرج قلمه وذيله بتوقيعه .. وقال لـ “أيمن” :

– اعتقد كده ماشيين بمعدل كويس مفضلش الا الجهه الغربيه

– بالظبط كده .. وكلها يومين ونخلص الرش هناك ان شاء الله

– ربنا يستر ونلاقى نتيجة ومتكنش مصاريف على الفاضى

– لا ان شاء الله أنا مستبشر خير

سار الصديقان معاً .. فسأله “عمر” :

– ها ايه أخبارك مع خطيبتك

ابتسم “أيمن” قائلاً :

– كله تمام الحمد لله

– الحمد لله .. ناويين على امتى ان شاء الله

– بصراحة محددناش معاد محدد .. سايبنها بظروفها .. يعني لما نحس احنا الاتنين اننا مقتنعين ببعض واننا مستعدين للخطوة دى

ربت “عمر” على كتف صديقه قائلاً :

– انت ابن حلال وتستاهل كل خير يا “أيمن”

– تسلم يا “عمر” .. وانت ايه أخبارك مع خطيبتك ؟

أزاح “عمر” يده من على كتف صديقه ونظر أمامه ولم ينطق بشئ .. فحثه “أيمن” قائلاً :

– ايه فى مشاكل بينكو ؟ لما شوفتكوا من شوية كنتوا كويسين

قال “عمر” وهو شارد :

– مش عارفه يا “أيمن” ساعات بحس انى بحب “نانسي” أوى .. وساعات …

– وساعات ايه ؟

– ساعات بحس ان دماغنا مش راكبه على بعض

– ازاى يعني ؟

تنهد “عمر” قائلاً :

– مش عارف حقيقي مش عارف .. حاسس انى متلخبط .. وعقلى مبيبطلش تفكير

وجدا جدولاً من الماء فجلسا على صخرة أمامه , سكت “أيمن” قليلا ثم نظر الى صديقه وسأله قائلا :

– انت ايه اللي عجبك فى “نانسي” و خلاك تقول هى دى الانسانه اللى عايزها تبقى مراتى ؟

أخذ “عمر” يفكر وهو يلقى ببعض الحصى فى الماء . ثم قال :

– جميله , جذابه , مرحه , ذكية , من عيلة كبيرة

قال “أيمن” مستنكراً :

– بس كده ؟

سكت “عمر” وهو يشعر بالحيره .. ثم وجهه نفس السؤال الى صديقه قائلاً:

– طيب انت ايه اللى عجبك فى خطيبتك وخلاك تقول هى دى .. غير حكاية المصحف والمطار

– عجبنى حاجات كتير ولما عرفتها وعرفت أهلها حبيتها أكتر واقتنعت بيها أكتر .. عجبنى أخلاقها وأدبها وحيائها .. لما ببصلها بشوف فيها أم لولادى

صمت قليلا ثم أكمل قائلاً :

– أنا مش بدور على واحدة تكون زوجة وبس يا “عمر” أو واحدة عشان أشبع رغباتى معاها وشكرا .. لا أنا بدور على أم لولادى .. نربهيم سوا ونكبرهم سوا ونعلمهم سوا يكونوا رجاله بجد .. بدور على واحدة تكون سند ليا لما أتعب أو لما أكبر في السن وأعجز ألاقيها جمبى ومعايا .. بدور على واحدة تكون سكن ليا وأكون سكن ليها واحده تفهمنى وأفهمها وأحس بيها وتحس بيا وأحس معاها اننا بنكمل بعض وان أنا وهى شخص واحد مش شخصين

أعقب حديث أيمن صمت طويل لا يتخلله الا تغريد العصافير على الشجر .. وبعد فترة نظر “أيمن” الى “عمر” قائلاً :

– انت حاسس بكده مع خطيبتك ؟

صمت “عمر” وعاود القاء الحصى فى الماء .. ثم التفت الى “أيمن” وابتسم قائلاً :

– لو انت حاسس بكده مع خطيبتك يبقى يا بختك بيها

ابتسم “أيمن” ولم يعقب بشئ

*****************************

– صحى النوم يا عروسه

هتفت “سماح” بهذه العبارة وهى توقظ “ياسمين” من نومها .. لكنها لم تدرى أن “ياسمين” لم تذق غمضاً منذ يومين كانت تنام على سريرها مغمضة العين لكنها متيقظه ومنتبهه تفكر وتفكر وتفكر .. تململت “ياسمين” فى فراشها ونظرت الى صديقتها قائله :

– صباح الخير ايه اللى جايبك بدرى كده

– بدرى ايه يا بنتى الساعه 10 والنهارده فرحك قومى ورانا حاجات كتير

قامت “ياسمين متكاسله وقالت :

المأذون هييجى العشا هعمل ايه أنا من دلوقتى للعشا

هتفت “سماح” قائله :

– يا ربي وبتقولى هتعمل ايه .. قومى يا بنتى مفيش وقت يلا

نهضت “ياسمين” وتوجهت الى الحمام وأخذت دش ساخن لتريح أعصابها المشدودة

****************************

قام والد “عمر” من نومه ليجد زوجته جالسه على السرير وعلامات القلق بادي على محياها .. فاعتدل جالسا وقال :

– صباح الخير يا “كريمة” صاحيه من بدرى ؟

تنهدت قائله :

– أنا منمتش أصلا من بعد الفجر

– ليه يا حبيبتى ايه اللي مصحيكِ

قالت بصوت باكى :

– شوفته تانى يا “نور”

– هو ايه اللي شوفتيه

– الحلم اللي حلمته لـ “عمر” من فتره .. شوفته تانى النهارده بنفس الشكل ونفس التفاصيل .. الحية بتجرى عليه وهو بيقع فى البير وبعدها الحية بتهرب منه .. أنا خايفه أوى

أمسك يدها فى يده قائلاً :

– متخفيش ان شاء الله ربنا يحفظه

– يارب .. يارب احميه يارب واصرف عنه السوء

**************************

– مبروك يا عروسه طالعه زى القمر فى فستانك

قال “سماح” هذه العباره وهى تحتضن صديقتها .. كانت “باسمين” ترتدى فستانا بسيطاً لونه سيمون وبوليرو وطرحه نفس اللون .. كانت رقيقه وبسيطه للغايه .. اقتربت منها “ريهام” قائله :

– مش كنتِ لبستى فستان فرح يا “ياسمين” فى عروسه ما بتلبسش فستان فرح؟

ابتسمت لها “ياسمين” قائله :

– أنا مرتاحه كده يا “ريهام”

عانقتها “ريهام” عناقاً طويلا لم تتحدث فيه وكأن الكلام يعجز عن وصف شعورها فى هذه اللحظة ,, قالت “ياسمين” والدموع تتجمع فى عينينها :

– كان نفسي أوى ماما تكون معايا النهاردة

أسرعت والدة “سماح” قائله :

– وأنا روحت فين يا بنتى .. مش أنا زى ماما برده

التفتت اليها “ياسمين” والدموع فى عينينها تهدد بالسقوط وابتسمت قائله :

– طبعا يا طنط ربنا عالم أنا بحب حضرتك أد ايه

عانقتها والدة “سماح” وربتت على ظهرها قائله :

– وربنا يعلم انك عندى من غلاوة “سماح” بنتى .. انتِ و”ريهام” ربنا يحميكوا بنتين زى الفل ومتتخيروش عن بعض

قالت “سماح” :

– ايه يا جماعة هنقلبها نكد ولا ايه .. لا بقولكوا ايه النهارده فرح وضحك وزغارط وبس .. مش عايزة أشوف دمعه واحدة فى عين حد فيكوا النهارده .. فاهمين

ابتسم ثلاثتهم .. وبدأوا فى الغناء والرقص واطلاق النكات والضحك محاوليين اسعاد “ياسمين” ورسم البسمة على شفتيها

************************

سألت “نانسي” “صفية” زوجة “عويس” الغفير والتى كانت تقوم بتغيير شراشف الأسرة فى حجرات بيت المزرعة قائله بصوت منخفض :

– هو فين “عمر” ؟

قالت “صفية” على الفور:

– فى أوضته يا هانم تؤمرى بحاجه ؟

قالت “نانسي” وهى توليها ظهرها وتنصرف :

– لا ميرسي

تابعتها “صفية” بعينيها ولوت شفتيها قائلاً :

– لا ميرسي

ثم عادت لاكمال عملها ..

***********************

دخلت “نانسي” حجرة “عمر” وسمعت صوت الدش فى الحمام الملحق بغرفته فارتسمت ابتسامه خبيثة على شفتيها .. وبعد فترة توقف صوت الدش وخرج “عمر” يلف نفسه بمئزره .. توقف فجأه عندما وقعت عيناه على “نانسي” الجالسه على فراشه نظر الى فستانها القصير الذى لا يكاد يغطى شيئاً .. تسمر فى مكانه .. فابتسمت “نانسي” قائله فى دلال :

– كنت حسه انى جعانه عملت شوية سندويتشات ناكلهم مع بعض على ما العشا يجهز

أخذت ساندوتش من الصنية التى وضعتها على الكمودينو ووضعت ساقاً فوق ساق ثم نظرت اليه قائله :

– ايه مش هتيجي تاكل ؟

تقدم “عمر” حتى أصبح فى مواجهتها لا يدرى لما وفى هذه اللحظة بالذات تذكر تلك الفتاة التى صدمها بسيارته والتى كانت ترقد على السرير فى المستشفى لا يظهر منها الا وجهها وكفيها ومع ذلك كانت تخجل من نظراته وتتورد و جنتاها بحمره الخجل وتبعد عيناها عن عينيه .. لم يشعر بنفسه الا وهو يقارن بينها وبين تلك الفتاه الجالسه أمامه بجرأة بلا أدنى شعور بالخجل .. شعر بشئ من التقزز وقال لها بصرامة شديدة :

– فى واحده محترمة تعمل كده ؟ .. تدخلى اوضة شاب أعزب وانتِ لابسه لبس زى ده ؟

قالت وعلامات الدهشة مرسومه على محياها :

– ايه المشكلة احنا بنحب بعض و خلاص هنتجوز

ثم أضافت بدلع :

– ولا انت معدتش بتحبنى ؟

نظر اليها نظرات غاضبة وأطبق أصابع كفيه بشده وكأنه يريد أن يلكم أحداً وقال لها بصوت هادر :

– نانسي اطلعى بره أنا مش طايق أشوف وشك

قالت فى عدم تصديق :

– نعم ؟ بتقول ايه

صاح غاضباً :

– بقولك اطلعى بره يا “نانسي” .. حالاً يا إما بجد هتندمى

نهضت “نانسي” وهى تشعر بالمهانه وقبل ان تغادر الغرفة قال لها :

– جهزوا نفسكوا عشان هنرجع مصر حالا

خرجت من الغرفة وأغلقت الباب بقوة .. ذهبت الى والدتها وقالت بعصبيه :

– يلا .. “عمر” طردنا من هنا .. لازم نمشي

صاحت والدتها فى فزع :

– مش فاهمة يعني ايه طردنا

صرخت “نانسي” فى وجهها قائله :

– بقولك طردنا يلا قومى

وما هى الا لحظات حتى جاء “عمر” حيث تتحدث المرأتان ووجه حديثه الى “نادين” قائلاً :

– معلش يا طنط جالى تليفون شغل مهم ولازم أنزل مصر حالا .. لو حضرتك عايزة تستنى انتِ وعمى و”نانسي” مفيش مشكلة بس أنا راجع مصر حالا

تصنعت نادين” الابتسامه ثم قالت :

– لا يا حبيبى واحنا ايه اللى يقعدنا هنا .. احنا قضينا 3 أيام وحقيقي لازم نرجع مصر عشان أشغالنا

– طيب تمام أنا منتظركوا تحت فى العربية عشان تمشوا ورايا بالعربية بتاعتكوا زى ما جينا عشان متتوهوش فى الطريق

– ماشي يا حبيبى

خرج “عمر” فوجهت الى “نانسي” نظرات صارمة قائله :

– هنتكلم فى البيت

ركب “عمر” سيارته وانتظرهم ..كان يشعر وكأن بداخله بركان بغلى من الغضب .. كان هذا الغضب موجه أكثر الى نفسه كيف كان أعمى الى هذه الدرجة كيف لم يستطع تمييز الغث من السمين .. كيف لم يرى أن خطيبته لا تتناسب أبدا مع قيمه وأخلاقه .. كيف اهتم بالقشور ونسي اللب .. كان يسأل نفسه هذه الأسئلة وهو لا يدرى أيغضب من “نانسي” أم من نفسه .. رآي ثلاثتهم وهم ينزلون الدرج ويركبون سيارتهم .. شغل محرك سيارته ولكنه انتبه الي صوت محرك سيارتهم حيث أصدر صوتا عاليا ثم توقف تماما

فأخرج رأسه من الشباك ونظر الى الخلف قائلاً :

– مش عايزة تدور ؟

أخرج والد “نانسي” رأسه هو الآخر وقال :

– ايوة النور كان والع وشكل البطاريه فضيت

– طيب سيبوها وأنا أخلى حد من العمال يجيب ميكانيكي ويصلحها ويوصلها لنا مصر .. وتعالوا اركبوا معايا

نزل ثلاثتهم فى صمت .. همت “نانسي” أن تركب فى الخلف لكن “مادين” دفعتها الى الباب الأمامى .. فجلست متبرمة بجوار “عمر” .. وانطلق بسيارته قاصدا القاهرة وفى رأسه ألف سؤال وسؤال

**************************

تعالت الزغاريد فى بيت “ياسمين” والتف الجميع حولها من أصدقاء وجيران مهنئين ومباركين لهذا الزواج .. دخل “عبد الحميد” حجرة ابنته و العبرات تملأ عينيه وقبلها فى جبينها وأمسك يدها وقبلها فأسرعت “ياسمين” بسحب يدها والعبرات تختنق فى عينيها , نظر اليها والدها وأمسك رأسها بين كفيه قائلاً :

– الحمد لله ان ربنا أحيانى وشوفت اليوم ده .. بنتى أنا عروسه

تركت “ريهام” لعبراتها العنان كانت سعيده لزواج أختها لكن فى حلقها غصه كيف ستحيا بعيداً عنها .. كيف وهى الأم والأخت والصديقة وكل شئ بالنسبه لها ..وما هى الا لحظات حتى تعالت الأصوات لتنبئ بوصول المأذون فتعالت الزغاريد مرة أخرى

كان “مصطفى” يقف سعيداً وسط الحضور عندما وقع نظره على آخر شخص أراد رؤيته فى تلك اللحظة .. نعم انها “نهلة” كانت تقف أمام الباب ترمقه بنظرات غاضبة ناريه ,أسرع الخطى اتجاهها وجذبها من ذراعها وخرج من الشقة وقال لها بغضب :

– بتعملى ايه هنا ؟ ايه اللي جابك

قالت له ونظرات الاحتقار تملأ عينيها :

– متخفش أوى كده يا عريس أنا لو كنت عايزة أبوظلك الجوازه كنت جيت البيت ده من زمان

قال بحده وهى ينظر حوله خوفاً من أن تنتبه “ياسمين” أو والدها :

– أمال ايه اللى جابك ؟

قالت بسخريه :

– جايه أشوفك وانت عريس

وفى تلك اللحظة خرجت “ياسمين” من حجرتها وجلست على الطاولة التى ضمت المأذون ووالدها فألقت عليها “نهلة” نظرة حاقدة وقالت :

– هى دى بأه ربة الصون والعفاف؟

قال “مصطفى” محذراً اياها :

– “نهلة” .. انتِ عايزة ايه بالظبط ؟

نظرت اليه قائله :

– مش عايزة حاجه .. قولتلك جايه أشوفك وانت عريس ..يلا عروستك مستنياك

تركها “مصطفى” وهو يشك فى أمرها .. دخل وقلبه يكاد يقفز من مكانه من الخوف وقدميه تصطك ببعضهما البعض جلس بجوار المأذون

نظرت اليهم “نهلة” محدثه نفسها يصوت منخفض ( بكرة أحرقك زى ما حرقتنى يا مصطفى )

.. كانت “باسمين” في تلك اللحظة تشعر بأن ما يجرى حولها هو مجرد حلم .. حلم ستستيقظ منه بعد لحظات .. أغمضت عينيها قليلا ثم فتحتهما .. لكن نفس المشهد ونفس الوجوه الضاحكة .. كانت تشعر وكأن روحها تسحب منها .. شعرت وكأن الأصوات اختفت من حولها فلم يبقى الا صوت دقات قلبها الذى يكان يخرج من صدرها من قوة ضرباته لم تسمع الا كلمة واحدة :

(قبلتً زواجها)

*************************

دخلت بيتها وهى تقدم رجلاً وتؤخر الأخرى .. كانت تراه لأول مرة بعدما انتهت والدة “مصطفى” وأختها و “سماح” من تنظيمه وترتيبه

دخلت ووقفت وسط الصالة وكأنها عابرة سبيل ضلت طريقها ولا تهتدى الى وجهتها .. أفاقت من شرودها على صوت باب الشقة الذى أغلقه “مصطفى” عليهما .. التفتت لتنظر اليه وقلبها يكاد يصم أذنيها من علو صوت دقاته .. ثم .. ابتسم “مصطفى” واقترب منها بخطوات بطيئه …

************************

كان “عمر” يسير بسيارته مسرعاً وهو لا يشعر بأولئك الجالسون معه فى السيارة .. كان عقله يدور ويدور بدون توقف .. كانت “نانسي” تنظر اليه ولا تصدق أن كل شئ سينتهى فى لحظة أرادت التحدث اليه فى محاولة لمعرفة ما يدور داخل رأسه لعلها تنقذ شيئاً .. نادته قائله :

– “عمر” .. “عمر ”

لم ينتبه “عمر” لصوتها فمدت يدها لتلمس كفه الموضوع على مقود السيارة .. انتفض “عمر” وكأن حية لدغته ونظر اليها بعينين كادتا أن تخترقاها .. وعندئذ هتفت “نادين” التى كانت تجلس فى المقعد الخلفى :

– “عمر” حاااااااسب …. حاااااااااااااااااااااااسب

نظر “عمر” أمامه فأعمته أضوار التريلا القادمة أمامه وما هى الا لحظات تعالت فيها أصوات الصراخ .. ثم سكن كل شئ .. توقف سائق التريلا لينظر الى تلك السيارة التى أخذت تلف وتدور حتى انقلبت على أحد جانبيها .. ثم أعقب ذلك صمت رهيب..

لو كان بإمكاننا الاستماع الى دقات الأربعه قلوب الموجوده داخل السيارة .. لوجدنا قلباً واحداً أخذت خفقاته فى الخفوت شيئاً فشيئاً حتى…………..

بوم بوم بوم بوم بوم بوم ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ .

عرض التعليقات (14)