مزرعه الدموع للكاتبه بنوتة اسمر الجزء الثاني

11 4٬334
 

مزرعه الدموع للكاتبه بنوتة اسمر الجزء الثاني

مزرعه الدموع للكاتبه بنوتة اسمر الجزء الثاني

مزرعه الدموع للكاتبه بنوتة اسمر الجزء الثاني

مزرعه الدموع للكاتبه بنوتة اسمر الجزء الثاني, معكم صديقة زاكي الشيف الموهوبة ,كريمة جزائرية
البارت الثالث

جاء اليوم الموعود وارتدت فيه “ياسمين” فستانها الذى عثرت عليه بعد عناء وأجرته من أجل هذا اليوم , فكان اختيارها موفق اذ أنها لطالما كانت تتمتع بذوق راقٍ في اختيار ملابسها رغم بساطتها , كان فستانها ذو لون موف مطعم ببعض الفصوص فضية اللون وارتدت طرحتين من اللونين الموف والفضى وكان مكياجها هادئ أظهر رقتها وجمال ملامحها.

كانت الزغاريد لا تنقطع منذ الصباح فهي البكرية والفرح بها له مذاق خاص , كانت حفلة الخطوبة صغيره فى منزلها المتواضع تضم الأسرتان فقط , و “سماح”احدى صديقات ” ياسمين” المقربات من أيام الثانوية

– ” سماح” : قمر يا اخواتى .. قمر اللهم بارك

– “ياسمين” : بجد يا “سماح” .. حلو الفستان والطرحة والميك آب

– “سماح” : بقولك قمر

– “ياسمين” : قمر بالستر يختى

– “ريهام” : يلا يا عروسة الناس مستنية بره

– “ياسمين” : حاضر خارجة أهو

خرجت “ياسمين” من غرفتها وتعالت الزغاريد مرة أخرى فى أرجاء المنزل.

قبل يومين خرجت الأسرتان وانتقت “ياسمين” دبلة الخطوبة والشبكة المكونة من خاتم رقيق و سلسلة بسيطة يتدلى منها قلب صغير , كانت سعيدة للغاية فهذه هى المرة الأولى التي ترتدى فيها ذلك المعدن الذهبي النفيس الذى يخطف عقول النساء , فلم تكن ظروف اسرتها تسمح بشراء مثل هذه الرفاهيات.

جلست “ياسمين” بجوار “مصطفى” وقدمت “كوثر” صنية عليها الشبكة الى ابنها ليلبسها لعروسته , قالت “ياسمين” بحرج :

– معلش يا طنط ممكن حضرتك اللى تلبسيني الشبكة

– “كوثر” : ليه يا حبيبتى ده “مصطفى” خلاص بأه خطيبك وقريب أوى هيبقى جوزك

– “ياسمين” بحرج أكبر : معلش يا طنط مش هينفع

نظرت اليها أمها نظرة معناها (عديها مفيهاش حاجة)

لكن “ياسمين” كانت مصرة ألا يلمس يدها قبل كتب الكتاب فمازال رجل غريب عنها , شعرت بضيق “مصطفى” من تصرفها لكنها حدثت نفسها قائلة (من أرضى الله بسخط الناس رضى الله عنه وأرضى عنه الناس) , ألبستها “كوثر” الشبكة , شعرت “ياسمين” بأن قلبها يرقص فرحاً فهاهى لحقت بركب صديقاتها وجاراتها المخطوبات.

==============

فى هذه اللحظة وفى حديقة فيلا كبيرة فى المعادى كان هناك حفل خطوبة لأحد أكبر رجال الأعمال بالقاهرة .. “عمر نور الدين الألفي” .. كان “عمر” في الـ 37 من عمره , أسمر طويل عريض المنكبين ذو شعر أسود حريري , تجمع ملامحه بين الوسامة والرجولة .. رجل تتمناه الكثير من النساء ليس لشكله ووسامته فقط بل لمركزه الإجتماعى وثراءه الفاحش أيضاً , فبالرغم من صغر سنه إلا أنه يملك ويدير العديد من المصانع والأراضى والشركات التي كانت ملكاً لأجداده ولكنه بذكائه وحسن ادارته لأعماله نجح فى توسيع أعماله حتى ذاع صيته داخل مصر وخارجها.

أقبل رجل فى العقد السادس من عمره على “عمر” قائلاً :

– ابني حبيبى , أخيراً عشت وشوفت اليوم ده

– “عمر” وهو يقبل يد والده : بابا , ربنا ما يحرمني منك

– مبروك يا “عمر” أخيراً هنفرح بيك , بقولك ايه ما تطولش فى الخطوبة هاا عايز أشيل ولادك قبل ما أموت

– “عمر” ضاحكاً : ربنا يديلك طولة العمر يا بابا , ما تقلقش هو ده أصلاً اللى أنا ناوى عليه

رأى “عمر” والدته “كريمة” مقبلة عليه فإستقبلها بإبتسامة قائلاً : أمى الغالية , هى فين العروسة مش هتنزل بأه

– الأم ضاحكة : هههههه اصبر على رزقك , خلاص خلصت لبس والكوافير كمان خلص شغله

– “عمر” واجماً : كوافير ؟ يعني راجل اللى بيزوقها ؟

– “كريمة” : بقولك ايه ما تضايقش البنت النهاردة , يوم سيبها تفرح بيه وبعدين انت ابقى طبعها بطبعك

أقبلت “نانسي” فى فستانها زهرى اللون الذى صُمم على يد أشهر مصممي الأزياء فى العالم , كانت فاتنة تخطف الأنظار بعينيها الخضراويين وشعرها الأشقر الذى رفعته الى الخلف , وبشرتها الملساء ناصعة البياض , كانت كالأميرة تنزل على سلالم الفيلا ليستقبلها أميرها الساحر.

– أمسك “عمر” يديها وقبلها وهمس لها : حبيبتي

– “نانسي” بإبتسامتها الساحرة : عجبتك ؟

– امتلأت عيناه بنظرات الحب والإعجاب قائلاً : عجبتيني بس , ده انتى هوستيني .. اعملى حسابك فترة الخطوبة هتكون قصيرة جدا

ضحكت “نانسي” بنعومة , وسارت يدها فى يده وهنأ الجميع وبارك لهذين العروسين , كانت نظرات الجميع اليهم تجمع ما بين الحسد والإعجاب والانبهار , فالإثنان يمثلان ثنائي العام , ” نانسي” ابنة رجل أعمال شهير ولا تقل ثراءً عن ” عمر” , فكان الجميع يراهما مثاليان لبعضهما البعض.

أقبلت “نيرمين” صديقة “نانسي” المقربة حاملة مخدة من الستان الوردى موضوع عليها دبل الخطوبة , كانت الدبلتان مربوطتان ببعضهما البعض بشريط ستان أحمر , ألبس “عمر” الدبلة لـ “نانسي” وفعلت “نانسي” معه بالمثل , وأقبل والد “عمر” ليقص الشريط .. ووسط تصفيق ومباركة الحضور قبلها “عمر” على وجنتيها قائلاً : مبروك يا حبيبتى أنا النهاردة أسعد راجل فى الدنيا

رقص الخطيبان على أنغام موسيقى حالمة .. كانت نظرات “عمر” اليها تحمل الكثير من معانى الحب والحنان ود لو تمر الأيام سريعاً ليجتمعا معاً فى بيت واحد , نظر اليها قائلاً : فاكرة أول مرة شوفتك فيها ؟

– “نانسي” ضاحكة : طبعاً ودي حاجة تتنسي

– كنت راجع من الشغل وشوفتك راكنه عربيتك على جمب وشكلك بتواجهى مشكلة معاها .. طلبت من السواق يوقف العربية ونزلت أعرض عليكي المساعدة.. قولتيلي ان عربيتك فيها مشكلة , سبت السواق مع عربيتك وخدتك معايا فى عربيتي

– أهاا وفضلت تعاكسنى طول الطريق

– حد يبقى جمبة القمر ده وميعاكسوش

أسعدتها كلمات “عمر” فلطالما أحبت سماع كلمات الاعجاب التى يلقيها الرجال على مسامعها دائماً , كانت مدركة لمدى جمالها وجاذبيتها جيداً

وعلى احدى الطاولات جلست سيدتان تنظران اليهما وتتحدثان

– “جيهان” : بنتك وقعت واقفة يا “نادين”

– “نادين” ضاحكة : طول عمرها شاطرة , جابت الراجل على ملا وشه , شايفة بيبصلها ازاى

– لا ومش أى راجل , ده “عمر الألفى” يعني هتضمنى ان بنتك هتعيش ملكة طول عمرها وطبعا هينوبك من الحب جانب

– “نادين” بإستعلاء : ما هى كانت عايشة ملكة طول عمرها , انتى نسيتي هى بنت مين وانا مراة مين ولا ايه ؟

– لا منستش يا حبيبتى , بس أنا وانتِ عارفين كويس ان جوزك غرقان فى الديون بسبب لعب القمار اللى أدمنه

– “جيهان” بغضب : وطي صوتك انتى عايزة تفضحينا

– لا أبداً يا قلبي هو أنا قولت ايه يعني

– اقفلى على الموضوع ده , مش عايزاه يتفتح تانى ,الحيطان ليها ودان , انتى عايزة الجوازة تبوظ ولا ايه

– مش قصدى , أنا …

– قالت “نادين” والشرر يتطاير من عينيها : قولتلك مش عايزة أسمع كلمة تانية فى الموضوع ده , انتى عارفانى كويس يا “جيهان” اتقى شرى أحسنلك

– بلعت “جيهان” ريقها بصعوبة قائلة : طيب يا “نادين” خلاص أنا آسفة .. مش هفتح الموضوع ده تانى

كانت تعلم جيداً أن “نادين” امرأة شرانية ولن تتردد فى أذيتها فآثرت الصمت.

البارت الرابع

في صباح اليوم التالي للخطوبة , تململت “ياسمين” في فراشها وفتحت عينها ببطء وأول ما نظرت اليه هو تلك الدبلة الذهبية التى تزين يدها اليمنى .. ارتسمت ابتسامة صغيرة على شفتيها وهي تتذكر أحداث الليلة الماضية وكأنها حلم جميل .. ها هى أخيراً أصبحت فتاة مخطوبة وما هى إلا أسابيع قليلة وتصبح زوجة لها بيتها وحياتها الخاصة .. كانت مستغرقة في أحلام اليقظة عندما فتحت “ريهام” باب الغرفة :

– أهو هو ده اللى أنا كنت خايفة منه

– “ياسمين” بإستغراب : هو ايه ده اللى خايفة منه ؟

– بدأنا نسرح ونروح فى دنيا تانية ونبتسم , وشوية شوية هلاقيكي بتكلمى نفسك

قذفتها “ياسمين” بوسادتها وتعالت ضحكاتهما معاً

, اقتربت “ريهام” من “ياسمين” وعانقتها قائلة:

– مبروك يا أحلى عروسة فى الدنيا , ربنا يوفقك فى حياتك ويجعلها كلها سعادة فى سعادة

– أنا فرحانة أوى يا “ريهام”

– ههههههه مش محتاجة تقولى , كل حاجة باينه على وشك .. ربنا يبعد عنك الحزن ويديم عليكي الفرح يا “ياسمين” … ثم رفعت يديها الى السماء وأضافت مازحة : وأحصلك قريب ياااااااااارب.

ضحكت “ياسمين” وقالت لها : متستعجليش , كل حاجة فى أوانها , ربا يرزقك انتى كمان بالراجل اللى يصونك ويقدر قيمتك يا “ريهام” يا أحلى أخت فى الدنيا

تعانقتا مرة أخرى ودخلت عليهم “سمية” لتراهما هكذا فرغماً عنها تترقرق الدموع فى عينيها ودعت الله أن يبارك فى بنتيها ويصرف عنهما كل سوء.

توقفت سيارة “بنتلى مولسان” البريطانية الفارهة التي لن تجد مثلها فى شوارع القاهرة أمام مقر مجموعة شركات الألفى للاستيراد والتصدير .. كان البناء ضخماً شامخاً ذو طابع معمارى حديث يتسم بالرقى والفخامة .. نزل السائق ليفتح الباب الخلفي لينزل منه “عمر” وهو يرتدى جاكت أسود اللون أنيق تحته بلوفر رمادى ذو رقبة عاليه وبنطلون جينس رمادى , ونظارة شمس ماركة شهيرة , كان أنيقاَ ساحراَ يخطف الأنظار .. سار بسرعة ورشاقة وعبر أروقة المبنى الرخامية .. الحارس :

– صباح الخير يا باشمهندس “عمر”

– صباح النور

دلف “عمر” الى الأسانسير واختار الطابق الأخير الذى يحوي مكتبه ومكاتب أعضاء مجلس ادارة الشركة , توقف الأسانسير في الطابق المطلوب , خرج “عمر” وسار على السجادة الطويلة ذات اللونين الزيتي و البيج والتى تمتد على طول الرواق من الأسانسير الى مكتبه .. بمجرد أن مر على مكتب السكرتيرة هبت واقفة :

– صباح الخير يا باشمهندس “عمر”

– صباح الخير يا مدام “حنان”

دخل “عمر”مكتبه وخلفه سكرتيرته الخاصة ومديرة مكتبه ذات المظهر الجاد والتي يبدو عليها أنها فى العقد الرابع من عمرها, والتي يأتمنها على الكثير من أسرار الشركة لثقته الشديدة بها

– باشمندس , محتاجين امضة حضرتك على الملف ده حالاً

– “عمرو” وهو يجلس على مكتبه ويلتقط منها الملف ويتصفحه : ها .. جمعتوا الكمية المطلوبة ؟

– أيوة يا فندم وقبل المعاد المحدد كمان

– ممتاز .. الشحنة هتدخل الجمارك امتى ؟

– هى حالياً على رصيف المينا وفى انتظار امضة حضرتك

ذيل “عمر” الملف بتوقيعه الأنيق وأغلقه وأعطاه لمديرة مكتبه , وبمجرد خروجها من المكتب أغلقت الباب الفاصل بين مكتبها ومكتبه , تناول “عمر” هاتفه النقال من جيبه واتصل برقم يحفظه عن ظهر قلب .. صوت جرس .. ثم :

– ألو

– حبيبتي صباح الخير

-صباح النور يا “عمر”

– وحشتيني أوى

– وانت كمان

– كنتِ امبارح زى القمر , لا زى القمر ايه ده القمر كان مكسوف منك

– “نانسي” بدلع : امبارح بس ؟

– لا طبعاً انتِ يوم انتِ قمر .. قمري اللى بينور لياليا واللى قريب أوى هيبقى معايا ومش هيفارقنى لحظة

– “نانسي” بجدية : “عمر” يا ريت مانستعجلش , يعني احنا لسه خطوبتنا كانت امبارح مش معقول هنتكلم فى جوازنا النهاردة

– “عمر” فى ضيق : يعني انتِ مش حبه تكونى معايا فى بيتي ؟

– تداركت “نانسي” خطأها بسرعة : لا طبعا يا حبيبى عايزة أكون معاك النهاردة قبل بكرة , بس خلينا دلوقتى نفرح بخطوبتنا , ها هتوديني فين النهاردة ؟

– أى مكان حبيبتي يختاره , أنا تحت أمره

– مممممم ايه رأيك نطلع يومين شرم ؟

– يومين .. بس يا “نانسي” اليومين دول أنا مضغوط جامد فى الشغل

– “نانسي” في ضيق واضح : خلاص متبقاش تتكلم بقلب جامد وتقولى أختار وتحت أمرك طالما شغلك أهم منى

– خلاص يا عمرى أنا ميهونش عليا زعلك هفضى نفسى عشانك , ولا تزعلى نفسك , أنا مفيش عندى أهم منك

– “نانسي” ضاحكة : تسلملى حبيبى , هجهز نفسي وانت خلص اللى وراك وعدى عليا فى الفيلا , اوعى تتأخر

– “عمر” باسماً : مقدرش أتأخر على حبيبتي , بحبك , هتوحشيني لحد ما أشوفك , سلام يا عمري

– سلام.

بعد انتهاء المكالمة قالت “نادين” لـ “نانسي” والتى كانت تستمع الى المكالمة :

– انتِ غبية يا بنت انتِ .. بيتكلم عن الجواز تقوليله أما اتمتع بخطوبتنا .. انتِ عايزة تنقطيني

– يوه يا مامى أنا مش مستعدة للجواز ولتقييد الحرية دلوقتى

– هو بمزاجك انتِ عايزة تنقطيني .. انتِ مش عارفه المصيبة اللى احنا واقعين فيها

– “نانسي” بتأفف : عارفة عارفة مش كل شوية تفكريني

– لا لازم كل شوية تفتكرى ومتنسيش أبداً إن كل أملاكنا تقريباً مرهونة.. وإن ما أنقذناش نفسنا هنلاقى نفسنا قريب أوى فى الشارع

– “نانسي” بعصبية : كل ده بسبب جوزك ولعبه للزفت القمار

– “نادين” غاضبة : بنت احترمي نفسك ده أبوكِ مايصحش تتكلمى عنه بالطريقة دى

– أوف

– اسمعيني كويس , “عمر” مش عايزاه يفلت من ايدينا .. فهمانى .. محدش غيره هيقدر يخرجنا من الورطة اللى احنا فيها

– عارفة .. مع انه مش الشخصية اللى كنت أحلم انى أتجوزها بس فلوسه تخليني أتغاطى عن كل حاجاة تانية

– أهم حاجة ان الجوازة تتم في أقرب وقت ممكن .. عشان لو حصل أى حاجة يكون خلاص اتجوزك وانتِ ملزمة منه وبالتالى مش هيقدر يسيب أهلك فى ورطتهم دى وأكيد هيساعدنا

– “نانسي” بإبتسامة خبيثة : متقلقيش ده خلاص بأه بيتنفس حاجة اسمها ” نانسي” ومايقدرش يعيش من غيري .. انتِ عارفه كويس ان مفيش راجل يقدر يقاوم سحر “نانسي”

– عارفة يا بنت أمك

تبادلتا نظرات ماكرة والابتسامة تعلو شفاههما.

عرض التعليقات (11)