مزرعة الدموع للكاتبه بنوتة اسمرة الجزء الثالث

12 4٬295
 

مزرعة الدموع للكاتبه بنوتة اسمرة الجزء الثالث

مزرعة الدموع للكاتبه بنوتة اسمرة الجزء الثالث

مزرعة الدموع للكاتبه بنوتة اسمرة الجزء الثالث

مزرعة الدموع للكاتبه بنوتة اسمرة الجزء الثالث, معكم صديقة زاكي الشيف الموهوبة ,كريمة جزائرية

البارت الخامس

أثناء استغراق “عمر” وانهماكه في مراجعة الأوراق التي أمامه .. سمع دقات صغيرة على الباب ثم انفتح ليدخل شاباً طويل أبيض البشرة عسلي العينين يرتدى بدلة أنيقة ويهتف بمرح :

– مبروك يا عريس , عقبال ما نشوفك فى الكوشة

اتسعت ابتسامة “عمر” وهو ينهض ليعانق صديقه :

– الله يسلمك يا “كرم” ,عقبالك

– بعد الشر تف من بقك

– “عمر” ضاحكاً : ليه بس كده

– محلاها عيشة الحرية , ايه اللى يخليني أجيب لنفسي القرف ووجع القلب يا ابنى , أنا كدة 100 فل و 10

– بكرة تيجي اللى تغيرلك رأيك ده وألاقيك بتقولى الحقنى يا “عمر” أنا طبيت

– هههههههه ما أظنش ان اليوم ده هييجي أبداً

– لا هييجي بكرة تشوف

– ماشي يا عم أنتم السابقون ونحن اللاحقون إن شاء الله

عاود “عمر” الجلوس خلف مكتبه وجلس “كرم” على المقعد أمامه : ها أخبار حفلة امبارح ايه؟

– كانت ممتازة .. مكنش ناقصها غيرك

– يا راجل قول كلام غير ده .. آل يعني افتقدتني أوى .. لو كان همك انى أحضر خطوبتك مكنتش حدفتنى الحدفة السودة دي وبعتنى السفرية دى يوم خطوبتك

– “عمر” معللاّ ذلك : أعمل ايه يا “كرم” .. انت عارف اللخبطة اللى حصلت فى تسليم شحنة العنب ومكنش فى حد غيرك هيقدر يقوم بالمهمة دى ولو كنا اتأخرنا شوية كان زمان الشحنة كلها فسدت وكانت الخسارة هتبقى كبيرة

– عارف يا سيدي انى دراعك اليمين .. وانى أكتر حد انت بتثق فيه

– مش بس كدة .. انت صاحبى وأخويا اللى ما ولدتهوش أمى .. احنا صحاب من أيام ابتدائي يا “كرم” ولحد دلوقتى ما افترقناش أبداً

– آه أيام .. فاكر أما كنا فى ثانوي والبنت أخت “أيمن المنشاوى” أم عنين زرقا دى اللى كانت كل ما تشوفك فى بيتهم تعاكسك .. حركاتها كانت مفقوسة أوى

دوى ضحك الصديقان فى مرح وهما يستعيدان ذكرياتهما معاً :

– آه طبعا فاكرها .. دى كان عليها تقل دم مفيش بعد كدة

– تقل بس ؟ .. ده من كتر تقل دمها كنت حاسس انها بتلزق فى بعضها

دوت الضحكات مرة أخرى , ثم نظر “عمر” الى ساعته ونهض فجأة قائلاً :

– ياه ده أنا كدة هتأخر , سلام يا “كرم”

– سلام يا “كرم” ؟! .. استنى يا ابني سلام ايه ملحقناش نعقد مع بعض ولا قولتلك تفاصيل السفرية .. رايح فين

– هعدى على “نانسي” طالعين يومين شرم

– ماشي يا عم الله يسهلووو .. أنا مش بحسد أنا بقر بس

– “عمر” فى جدية : “كرم” مش هوصيك على الشغل ولو فى أى حاجة كلمنى فى أى وقت صبح أو ليل

– يلا انت بس ومتقلقش كله هيمشى أكنك موجود بالظبط

– ربت “عمر” على كتفه قائلاً : عارف يا “كرم”

ثم حمل هاتفه النقال وانصرف.

********************************

نظرت “نانسي” من شباك غرفتها الى سيارة “عمر” الفارهه وهى تعبر بوابة الفيلا .. كانت الفيلا تتكون من طابقين ويحيط بها حديقة كبيرة يبدو عليا علامات الاهمال وكأنه لم يراعيها أحد منذ وقت طويل.. نزلت “نانسي” الدرج وجدت والدتها تجلس فى الطابق السفلي فقالت لها :

– مامي “عمر” جه .. يلا سلام

– “نانسي” زى ما نبهت عليكِ ركزي فى كل كلمة وفى كل تصرف مش عايزة أخطاء يا “نانسي”

– متقلقيش قولنا.. سلام

نزلت “نانسي” درجات الفيلا تتبعها خادمتها بحقيبه هاند باج

, كانت ترتدى بنطلون جينز وبالطو أحمر شكله مع شعرها الأشقر المتطاير لوحة فنية مثيرة

.. وجدت عمر قد خرج من سيارته بعدما فتح له السائق الباب :

– حبيبتي وحشتيني

– وانت كمان

قبلته نانسي على وجنتيه , ابتسم لها عمر :

– جاهزة؟

– جاهزة أوى يلا بينا

– والدتك موجودة ؟

– ايوة جوه

– طيب حبيبتي ما يصحش آجي هنا وتكون والدتك موجودة وأنا ما أسلمش عليها

– “نانسي” وهى تحاول أن تخفى ضيقها : اهاا طيب يلا بسرعة سلم عليها

دخل الاثنان الفيلا واستقبلتهما “نادين” التى سلمت على “عمر” : “عمر” ازيك يا حبيبى

– الحمد لله .. ازى حضرتك مدام “نادين”

– بخير يا “عمر” .. رجعتوا تانى ليه .. “نانسي” نسيتي حاجة

– لا يا مامى “عمر” حب يسلم عليكِ أما عرف انك موجودة

– ابتسمت “نادين” قائله : حقيقي يا عمر كلك ذوق

– : نانسي” : يلا يا “عمر” بأه

– “نادين” : مستعجلة ليه يا “نوسة” لسه مشبعناش من “عمر” , ان شاء الله بعد ما ترجعوا من شرم كل العيلة يا “عمر” معزومة عندنا

– تسلمي يا مدام “نادين” أكيد طبعاً يشرفنا اننا نلبي دعوة حضرتك

– “نادين” : صحيح يا “عمر” هتجيب ايه لنانسي هدية الخطوبة .. اوعى تكون سفرية شرم هى هديتها كدة هقول عليك بخيل على طول

– “عمر” : لا طبعاً مقامها عندى أكبر من كدة

قال ذلك ثم أخرج من جيب معطفه علبه قطيفة والتفت الى “نانسي” قائلاً :

– مبروك عليكِ يا حبيبتى

– قالت “نانسي” وقد لمعت عيناها من الفرحة : ميرسي يا “عمر”

فتحت العلبة لتجد سوار رائع من الماس , كادت :نادين: أن تشهق من فرط حماستها لرؤية السوار والتقت عينها بعين ابنتها وقد اتسعت عيناها هى الأخرى , التفتت “نانسي” الى “عمر” قائلة بدلع :

– لبسهولى انت يا “عمر” بليز

نظرت “نادين لـ “نانسي” نظرة رضى وقد أعجبها ما فعلت ’ ألبسها “عمر” السوار فى يدها اليسرى فتحسسته بيدها اليمني وداعبت فصوصه التى تساوى كل منها مبلغاً لا يستهان به , ثم طبعت قبلة على وجنة “عمر” قائلة :

– حبيبي ميرسي بجد على الهدية الجميلة دى

– “عمر” مبتسماً : المهم انها تكون عجبتك

– نظرت اليه نظرات معبرة قائلة : عجبتنى جدا كفاية انها منك انت

قالت فجأة بمرح : يلا بأه عشان منتأخرش أكتر من كدة

– التف ” عمر” الى “نادين” قائلاً : مع السلامة يا مدام “نادين”

– مع السلامة يا “عمر” .. مع السلامة يا “نانسي” .. خلى بالك منها مش هوصيك

– دى فى عنيا متقلقيش عليها

تابعتهما “نادين” بعينيها وابتسامة كبيرة مرسومة على شفتيها حتى ركبا الاثنان السيارة وانطلقا الى المطار ومنه الى شرم.

البارت السادس

بعد صلاة المغرب رن جرس الباب ففتح “عبد الحميد” واستقبل القادم :

– أهلاً بيك يا “مصطفى” يا ابني اتفضل

-أهلاً بيك يا عمى ازى صحتك؟؟

دخل “مصطفى” حاملاً علبة جاتوه كبيرة

– بخير يا ابني اتفضل اقعد .. ليه بس مكلف نفسك

– لا أبداً ده فضلة خيرك يا عمي

جلس “مصطفى” وتوجه “عبد الحميد” الى المطبخ ليجد “ياسمين” وأمها يعدان العصير , نظر اليها قائلاً :

– يلا يا “ياسمين” يا بنتى خطيبك جه بره

ازدادت سرعة دقات قلبها عندما سمعت كلمة (خطيبك) فلكم تمنت سماعها وها هى أحلامها تتحقق شيئاً فشيئاً , حملت صنية العصير والكيك وتوجهت الى الصالون بعدما ألقت نظرة على نفسها فى المرآة المعلقة علي الحائط بجوار الحمام , دخلت اللى الصالون قائله :

– السلام عليكم

– وعليكم السلام

توجهت حيث يجلس “مصطفى” وقدمت اليه العصير قائله :

– اتفضل

– متشكر تسلم ايدك

وضعت “ياسمين” الصنية على المنضدة الصغيرة التى أمامه وجلست فى مقعد بعيد عنه

– ” عبد الحميد” : اتفضل يا “مصطفى” يا ابني.. دوء عمايل عروستك شوف هيعجبك ولا لأ

– طالما هى اللى عملاه أكيد هيعجبني

ضحك “عبد الحميد” .. ودخلت “سمية” مرحبة به :

– ازيك يا “مصطفى” يا ابنى وازى الست الوالدة والحج ان شاء الله يكونوا بخير

نهض “مصطفى” ومد يده وسلم عليها قائلاً:

– الحمدلله بخير يا طنط بيسلموا على حضرتك

– “عبد الحميد” : شوية وراجعلك يا “مصطفى” .. البيت بيتك

– براحتك يا عمي اتفضل

خرج “عبد الحميد” جاذباً معه “سمية” وتركا “مصطفى” و “ياسمين” بمفردها لأول مرة بعد الخطوبة

– ازيك يا “ياسمين”

-ردت “ياسمين” بخجل وهى تنظر الى الأرض : الحمد لله

– ايه .. كل مرة هتفضلى بصه للأرض كدة ؟

-ابتسمت بخجل قائله : يعني لسه مخدتش على حضرتك

– وكمان حضرتك ..لأ كدة كتير احنا خلاص بقينا مخطوبين

تناول “مصطفى” قطعة من الكيك الذى أمامه , ثم نظر اليها قائلاً :

– تسلم ايدك شكلك ممتازة فى المطبخ

ابتسمت قائله : ماما عودتنى أنا و “ريهام” على دخول المطبخ من صغرنا

– ممتاز يعني دكتورة وفى نفس الوقت ست بيت كمان

اتسعت ابتسامه “ياسمين” وسعدت كثيراُ لهذا الإطراء

– احم احم .. “ياسمين” أنا هطلب من والدك اننا نخرج مع بعض بكرة .. يعني عشان نتعرف على بعض أكتر ونكون براحتنا أكتر

– مفيش مشكلة بس هسأل الأول “ريهام” اذا كانت فاضية بكرة ولا لأ

– “مصطفى” بإستغراب : “ريهام” مين ؟

– “ريهام” أختى

– ضحك “مصطفى” قائلاً : أنا عايز أخرج معاكِ انتِ مش مع أختك

– ما أنا فاهمة .. بس مينفعش نخرج من غير “ريهام”

– قال لها بحده : ليه مينفعش يعني ؟

– قالت بحرج : كده .. عشان مينفعش أنا وحضرتك نخرج لوحدنا

– قال وقد ازدادت حدته : أنا خطيبك مش واحد من الشارع

– تضايقت “ياسمين” وازداد ارتباكها بسبب حدته : مش قصدى .. بس مينفعش نخرج لوحدنا قبل كتب الكتاب

– ما تقلقيش .. لو على باباكِ أنا هعرف أقنعه

– قالت له بحزم : ما أعتقدش ان بابا ممكن يوافق وحتى لو وافق أنا مستحيل أخرج معاك لوحدى .. لو مصر على الخروج لازم “ريهام” أختى تكون معانا

استسلم “مصطفى” مضطراً لوجود “ريهام” معهما .. لكنه شعر بالضيق من هذا الأمر فلكم كان يتمنى أن يخرجا بمفردهما مثلما يفعل أصدقاؤه مع الخطيبه .. كان يتوقع مثل هذه العلاقة وأن يُباح له الخروج والتجاوز بما انه قد أصبح خطيبها .. لكنه لم يتوقع أن يخطب بنت تفكر بهذه الطريقة.

============================

تناولت ” كريمة” هاتفها واتصلت بـ ” عمر ” أتاها صوته عبر الهاتف :

– السلام عليكم حبيبة قلبي

– وعليكم السلام .. وصلت بالسلامة يا “عمر” ؟

– أيوة يا أمى الحمد لله

– طيب يا ابنى كنت بتطمن عليك .. “نانسي” جمبك ؟

– لأ “نانسي” فى اوضتها أنا آعد تحت فى المطعم منتظرها

– طيب يا حبيبى سلملى عليها

– يوصل يا أمى .. مع السلامة

– مع السلامة

انهى المكالمة ووضع هاتفه على طاولة الطعام أمامه , نظر الى ساعتها وأخذ يتململ فى جلسته , كان يرتدى حلة داكنة اللون أضفت عليه وسامة وجاذبية كبيرة .. لم ينتبه لنظرات تلك الفتاة التى تجلس على الطاولة التى أمامه .. كانت تتفرس فيه بجرأه .. وتلك التى تجلس على يمينه تختلس اليه النظر رغم جلوسها مع رجل .. كان “عمر” يعلم تماماً بأنه محط أنظار النساء بل ومحط أطماعهن أيضاً .. ورغم ثقته الكبيرة فى نفسه إلا أنه لم يتلفت أبداً لتلك العلاقات العابرة ولا لتلك النساء اللاتى يحاولن ايقاعه فى شباكهن ونيل صداقته .. كان التفكير بالمرأة يمثل له معنى واحد فقط .. وهو الحب الذى يتوج بالزواج والاستقرار .. فلم يكن رجل هوائي أو عابث .. بل كان جاداً نشيطاً طموحاً .. نظر مرة أخرى الى ساعتها وأمسك هاتفه وأوشك على الاتصال بها عندما وجدها تتوجه نحو.. نهض “عمر” وعلامات العبوس واضحه على محياه .. أزاح لها الكرسى المواجه له لتجلس عليه

– أنا واقعة من الجوع .. ياريت تطلبلنا الأكل

عندما لم تتلقى رداً رفعت نظرها اليه فواجهتها نظراته الصارمة .. لم تفهم “نانسي” سبب تلك النظرات .. فقالت له :

– ايه فى حاجة ؟ مالك ؟

– ايه اللى انتِ لابساه ده ؟

نظرت الى فستانها زهرى اللون الذى يصل الى ركبتها ويكشف عن ذراعيها وعنها وجزء من مقدمة صدرها , رفعت نظرها اليه قائلة :

– ايه ماله ؟ وحش؟ ده فستان من تصمم ….

– قاطعها فى صرامة : ما يهمنيش مين صممه .. انتِ مش شايفة انه مفتوح زيادة عن اللزوم

– قالت بتأفف : مفتوح ايه يا “عمر” .. ما الناس كلها بتلبس كده

– أنا ماليش دعوة بالناس .. ليا دعوة بواحدة بس من الناس وهى انتِ يا “نانسي”

– محسسنى انى لابسه لبس فاضح .. ده فستان عادى جدا ومحترم

– ده محترم ؟!

– والله ده لبسي وانت شايف لبسي من أول ما اتعرفنا .. احنا اتعرفنا لمدة 3 شهور قبل الخطوبة وشوفتنى بلبس أصعب من كدة كمان

– أيوة قبل كدة مكنش في رابط بيربطنا ببعض أما دلوقتى انتِ خطيبتي يعني اللى يمسك يمسنى .. وأنا ما أحبش مراتى حد يشوف جسمها غيري أنا وبس

– صاحت بغضب : شوية شوية تقولى غطى شعرك

– لأ مش هقولك البسيه دلوقتى .. أنا عارف انك لسه مش مستعدة للخطوة دى

– انفعلت قائله : لا دلوقتى ولا بعدين .. بص يا “عمر” أنا كدة عشت واتربيت كدة ومش ممكن أبداً ألبس البتاع ده على شعرى .. انت عايز تدفنى بالحيا

– قال بصرامة : ادفنك بالحيا عشان بغير عليكِ ومش عايز راجل غيري يشوف أى حاجة منك

– الكلام ده ما يقولوش راجل راقى ومثقف زيك .. وبعدين انت جايبنى هنا عشان تعكنن عليا وتتخانق معايا

– حاول “عمر” احتواء الموقف قائلاً : لا مش جايبك عشان أعكنن عليكِ يا “نانسي” .. بس راعي انى راجل وبغير على مراتى

– قالت بدلال وهى تحاول تغيير الموضوع : مش لما أبقى مراتك

أمسك يدها وقبلها ووضعها على وجنته ونظر الى عينيها قائلاً : قريب أوى هتكونى مراتى .. مراة “عمر نور الدين الألفى”

وهنا حضر النادل ليسألهما ماذا يحبان لطعام العشاء.

==========================

– يا مامي ده بجد متزمت جداً وتفكيره غريب .. تصورى كنت لابسه فستان على الركبة بيقولى انه مكشوف أمال لو شافنى فى البكيني كان قال ايه

– قالت “نادين” عبر الهاتف : حاولى تمتصى غضبه وتكسبيه على أد ما تقدرى

– أنا مش متخيلة ازاى واحد فى مركزة وفى مستواه يفكر بالإسلوب المتخلف ده .. عايز يرجعنا لزمن سي السيد .. هو يأمر وأمينة تنفذ . وأمشي فى الشارع بالملاية اللف .. ما بنات عمته بيلبسوا نفس ستايلي محدش بيوجهلهم كلام ليه

– “نانسي” حاولى تسيطرى على أعصابك شوية

– مش قادرة ده بجد انسان مستفز وقال ايه عايزنى أغطى شعرى ناقص يقولى اقعدى فى البيت وماتخرجيش الا بإذني

– لا مش للدرجة دى “عمر” انسان متحضر وابن ناس ومتعلم

– ما هو واضح التحضر !

– خلاص يا “نانسي” أقفلى على السيرة دى .. وحاولى تكسبيه وتطاوعيه وتوافقيه على كلامه حتى لو مش هتنفذيه بعد كده .. المهم دلوقتى ان الدبلة اللى فى ايدك تتنقل لايدك الشمال بأسرع وقت

– قالت بغنج : متقلقيش “عمر” بأة زى الخاتم فى صباعى

– أيوة كدة ده الكلام اللى عايزة أسمعه .. يلا باى عشان خارجه

– باى.

البارت السابع

انتهت “ياسمين” من ارتداء ملابسها وخرجت حيث يجلس “مصطفى” ووالدها ووالدتها وأختها “ريهام” , بمجرد أن رآها “مصطفى” نهض ومد يده ليسلم عليها :

– ازيك يا “ياسمين”

– “ياسمين” : الحمد لله

وقفت أمام يده الممدودة بالسلام اليها لا تدرى ماذا تفعل , فهى ليست معتادة على السلام على الرجال بيدها وفى نفس الوقت لا تريد احراجه , تمتمت بصوت منخفض :

– معلش أنا اسفة مش بسلم بالإيد

شعر “مصطفى” بمزيد من الضيق والحرج , سحب يده وجلس فى مكانه وعلامات التبرم ظاهرة على محياه قال فى نفسه ( قال ما بتسلمش بالايد قال ده أنا شكلى هشوف معاكِ أيام بمبي منقطة باسود ) , جلست “ياسمين” على المقعد الفارغ بجوار والدها

– “عبد الحميد” : ما فيهاش حاجة يا بنتى أما تسلمي عليه ده برده خطيبك

لم ترد “ياسمين” لأنها لا ترغب فى الجدال مع والدها أمام “مصطفى”.. جلسوا قليلاً ثم انصرف “مصطفى” و “ياسمين” و “ريهام” معاً.

==================

التف ثلاثتهم حول مائدة أحد المطاعم التي تطل على النيل , كان الوضع غريباً بالنسبة لـ “ياسمين” فهذه هى المرة الأولى التى تخرج فيها مع رجل ولم تستطع حتى الآن أن تعتاد عليه كخطيب .

حاول “مصطفى” استدراكها للاشتراك فى الحديث معه و بالفعل تخلت “ياسمين” شيئاً فشيئاً عن جمودها وشاركته الحوار .. تحدث عن عمله وعن أسرته وعن أحلامه ونظرته للمستقبل .. أعجبت “ياسمين” بطموحة وتفائله .. تحدثت معه عن دراستها وعن رغبتها فى العمل والتى لم تضعها حيز التنفيذ .. كانت “ريهام” صامته معظم الوقت تفسح لهما المجال ليتحدثا معاً .. كانت سعيدة برؤية أختها وهى تعتاد شيئاً فشيئاُ على خطيبها .. كانت “ياسمين” أيضاً فى غاية السعادة لأنها وجدت موضوعات مشتركة كثيرة يتحدثان فيها .. كانت “ياسمين” شخصية قوية واثقة فى نفسها لكن حيائها كان يعطى انطباعاً خاطئ عنها بالضعف.

استمتع “مصطفى” بالحديث مع “ياسمين” وشعر بالألفة معها , وبعد ساعتين أوصلهم الى المنزل وعاد هو الى بيته .

==============

فى اليوم التالى وقف “عمر” على الشط ينظر الى البحر تارة وتارة أخرى ينحني ليلتقط شيئاً ويعبث به .. رأته “نانسي” وهى مقبلة من بعيد , بمجرد أن رآها ابتسم وأقبل نحوها قائلاً :

– وحشتيني

– ضحكت بنعومة : ده أنا كنت لسه معاك من ساعة

– أنا عايزك معايا كل ساعة

نظرت “نانسي” الى ما يحمله فى يده , قائله :

– ايه ده ؟

– دي قطع صخور صغيرة متكسرة بتلاقيها على الشط دايماً , كل صخرة منهم ليها شكل وأبعاد وألوان وملمس مختلف

قالت وهى ترفع حاجبيها بإندهاش :

– وانت بتعمل بيهم ايه ؟

– ابتسم قائلاً : بجمعهم

– بتجمعهم ازاى يعني ؟

– مسمعتيش عن هواية جمع الطوابع وهواية جمع العملات أنا بأه أختلف عن الآخرين طول عمرى مميز عشان كدة أما فكرت أجمع حاجة جمعت ضحور

قال ذلك و أطلق ضحكة عالية ثم قال :

– دى هواية كانت عندى وأنا طفل صغير .. كل مكان ماما وبابا ياخدوني فيه ويكون فيه بحر .. أجمع شوية من الصخور الصغيرة وأفضل فترة طويلة أنقيهم زى ما أنا عايز عشان تكون ذكرى حلوة لليوم ده .. عندى مجموعة كبيرة منها لسه محتفظ بيها لحد دلوقتى.

صمتت ” نانسي” فهى لا تدرى ماذا تقول , حدثت نفسها قائلة (مجنون ده ولا ايه بأه ده رجل أعمال ده )

فى هذه الأثناء أقبلت مجموعة تضم رجلين وثلاث نساء .. هتف أحد الرجلين :

– ” نانسي” عاش مين شافك

التفتت “نانسي” الى محدثها وانفرجت أساريرها وهتفت :

– “عماد” هاى هاو آر يو

أقبل المدعو “عماد” قائلاً : مبروك يا “نانسي” وآسف انى مقدرتش أحضر الخطوبة

انحنى “عماد” ليقبل ” نانسي” .. وقبل أن يفعل دفعه “عمر” فى صدره وصاح غاضباً :

– ايه يا كابتن أنا مش مالى عينك ولا ايه

قال ذلك ثم سحب “نانسي” من ذراعها وانطلق عائداً وسط دهشة “عماد” الذى أخذ يراقبهما .. كانت “نانسي” تجرى للحاق بـخطوات ” عمر” وهو مازال مطبقاً على ذراعها ويسحبها منه .. توقفت فجاأة وسحبت ذراعها من يده بقوة قائلة :

– انت ايه اللي انت عملته ده

قال لها غاضباً :

– ايه اللى أنا عملته ولا ايه اللى الحيوان ده كان عايز يعمله

– ده كان هيسلم عليا ويباركلى على الخطوبة عادى يعني

صاح عمر وقد ازداد غضبه : عادى يعني ايه , يبوسك وأنا واقف .. ليه شيفانى شوال جوافة أدامك

– ده “عماد” ابن صاحبة مامى الأنتيم يعني مش حد غريب ومتربيين مع بعض و “عماد” بجد حد كويس أوى

– كل اللى انتِ قولتيه ده ما يسواش عندى حاجه

أخذ نفس عميق يحاول به السيطرة على غضبه : اسمعي يا “نانسي” أنا ليا طباعى ومبادئى اللى اتربيت عليها ومش هتنازل عنها أبداً فى يوم من الأيام .. حاولى انك متعمليش الحاجات اللى بتضايقني منك .. والحاجة اللى هقولهالك مرة هتبقى خط أحمر متقربيش ليها تانى .. وأولهم اللى اسمه “عماد” ده

– يعني ايه ؟ انت عايز تلغى شخصيتي تماماً وتمشيني وراك ..مين بأه اللى هتسمحلك بكده

نظر اليها مهدداً : ده اللى عندى ومفيش كلام تانى أقوله

ثم انصرف وتركها تغلى من الغضب

==============

– وبكدة نكون خلصنا محاضرة النهاردة .. اتفضلوا

تعالت الأصوات داخل المدرج وهم ينهضون لمغادرته , سارت “ريهام” نحو بوابة الجامعة فقد كانت تلك هى المحاضرة الأخيرة لها اليوم .. سمعت صوتاً يناديها :

– “ريهام” .. “ريهام”

التفتت لتجد “معتز” الذى يسرع فى خطواته ليلحق بها .. التفتت “ريهام” يميناً ويساراً تخشي أن يراها أحد زملائها أو زميلاتها , أقبل “معتز” قائلاً :

– “ريهام” مالك بتعامليني كدة ليه

نظرت اليه قائله : نعم ؟؟ .. عايزنى أعاملك ازاى

– “ريهام” قولتلك مليون مرة أنا مش بلعب .. ولو هلعب بأى حد مش ممكن ألعب بيكِ انتِ بالذات

– “معتز” أنا معنديش إلا الكلام اللى قولتهولك قبل كدة .. اللى عايزنى هيدخل البيت من بابه مش يفضل مستنى تحت الشباك منتظر الفرصة اللى يلاقى فيها الشباك مفتوح يمكن يعرف يدخل منه .. وأظن انت عارف باب بيتنا كويس لأنه أدام باب بيتكوا على طول .. عن اذنك

التفتت لتغادر المكان فجذبها “معتز” من ذراعها ليوقفها , نزعت ذراعها منه بقوة وصاحت غاضبة : انت ازاى تسمح لنفسك تمسكنى كدة

– أنا آسف بس عايزك بس تسمعيني

– مش محتاجة أسمع لأنى عارفه الكلام اللى هتقوله كويس

– لا مش عارفه .. اديني بس فرصة أتكلم .. ماشي ؟

نظرت اليه صامتة تاركة له المجال ليتحدث بما لديه

– قولتلك قبل كدة ان بابا مستحيل يوافق يخطبلى قبل ما أخلص السنة دى انتِ عارفه اننا فى آخر سنة فى الكلية

قاطعته قائلة : خلاص اصبر لحد ما تخلص السنة دى زى ما باباك عايز

– ما أنا صابر أهو أصلا مش فى ايدي حاجة غير انى أصبر .. بس ليه تحرميني منك وتفضلى بعيده عنى كل ده .. لسه السنة طويلة يا “ريهام”

– انت عايز ايه بالظبط يا “معتز”

– يعني فيها ايه لو خرجنا مع بعض فى مكان عام والناس كلها شيفانا .. مفيهاش حاجة وطالما انتِ واثقة فى نفسك خلاص يبأه مش هتخافى من حاجة , فيها ايه لو اتكلمنا فى التليفون بكل احترام مجرد نطمن على بعض من وقت للتانى أحس انك معايا وتحسي انى معاكِ انا مش عايز غير انى أطمن عليكِ وتطمنى عليا , أعتقد ده مش غلط ولا عيب

صمتت “ريهام” لبرهه ثم قالت له فى حزم :

– عارف .. الكلام اللى انت قولته دلوقتى خلاك تنزل فى نظرى من سابع سما لسابع أرض

قالت ذلك ثم تركته وانصرفت , تابعها “معتز” بعينيه والشرر يتطاير منهما قائلاً :

– ماشي يا “ريهام” .. مش “معتز” اللى يتعامل بالطريقة دى .. انتِ لسه متعرفيش مين هو “معتز”.

عرض التعليقات (12)