مزرعه الدموع للكاتبه بنوتة اسمرة الجزء الخامس

8 4٬468
 

مزرعه الدموع للكاتبه بنوتة اسمرة الجزء الخامس

مزرعه الدموع للكاتبه بنوتة اسمرة الجزء الخامس

مزرعه الدموع للكاتبه بنوتة اسمرة الجزء الخامس

مزرعه الدموع للكاتبه بنوتة اسمرة الجزء الخامس, معكم صديقة زاكي الشيف الموهوبة ,كريمة جزائرية

***************

كانت “ياسمين” تقف ساهمة على شرفة حجرتها تتسلى بالنظر الى الناس فى الشارع .. كان عقلها يعمل بدون توقف .. لديها عشرات الأسئلة فى رأسها لا تجد لها اجابه .. ولديها الكثير من المخاوف .. كانت تفكر فى شكل حياتها الجديدة ومستقبلها مع “مصطفى” .. تــُرى ماذا تُخبئ لها الأيام ؟…

أفاقت من شرودها على جرس هاتفها .. ابتسمت وهى ترد :

– السلام عليكم .. “سماح” ازيك

أتاها صوت “سماح” عبر الهاتف وعلامات الحزن باديه عليه :

– وعليكم السلام .. ازيك انتِ يا “ياسمين”

– ايه يا بنتى مال صوتك فى حاجة حصلت ؟

– عايزة أتكلم معاكِ

– خير قلقتيني .. انتِ كويسة .. و طنط وعمو كويسين

– آه يا بنتى ماتقلقيش بس فى موضوع يخصنى عايزة أتكلم معاكِ فيه

– طيب اتكلمى سمعاكِ

– لا مش هينفع فى التليفون .. يا تجيلي يا أجيلك .. بصراحة أفضل انى أجيلك عشان أعرف أتكلم معاكِ براحتى

– انتِ بتستأذنى يا “سماح” .. طبعا تعالى يا بنتى ده بيتك

– تسلمى يا حبيبتى .. طيب يناسبك بكرة الساعة 5 كده ؟

– لا خليها الضهر عشان نتغدا سوا

– غدا ايه بس مش وقت كدة خالص

– قالت “ياسمين” بإصرار : هستناكِ الضهر .. ما تأوحيش

– قالت “سماح” فى استسلام : حاضر .. أشوفك بكرة ان شاء الله

– ان شاء الله يا حبيبتى .. منتظراكِ

– سلام

– سلام

أغلقت “باسمين” وهى تحاول أن تخمن ما هو هذا الموضوع الذى يخص “سماح” وتريد أن تحدثها فيه ؟!

**********

نادت “نادين” خادمتها وسألتها قائلة :

– فين “نانسي” ؟

– قالت الخادمة : فوق حضرتك لسه مصحتش

– ايه ده لسه نايمة .. طيب روحى انتِ

صعدت “نادين” لحجرة “نانسي” ونادتها قائلة :

– “نانسي” .. “نانسي” .. قومى عايزاكِ بسرعة

لم تجد استجابة منها .. فاقتربت من فراشها وهزتها بيدها :

– “نانسي” قومى .. “نانسي”

تململت “نانسي” فى فراشها وهى لا تستطيع فتح عينيها وانزاح الغطاء عنها قليلاً فرأت “نادين” فستان السهرة الذى مازالت ترتديه

– ايه ده ايه اللي انتِ لابساه وانتِ نايمه ده .. انتِ خرجتى امبارح ؟

قالت وهى تجد صعوبة فى ابقاء عينيها مفتوحتين :

– آه خرجت

– خرجتى روحتى فين .. خرجتى مع “عمر” ؟

ضحكت “نانسي” بشدة قائلة :

– وانتِ متصوره ان “عمر” ممكن يسبنى أخرج بالفستان ده .. انتِ مش عارفه خطيب بنتك ولا ايه

– أمال خرجتى فين

قالت وهى تجلس بصعوبة على السرير :

– خرجت روحت الديسكو .. قابلت “عماد” وباقى الشلة هناك

شعرت “نادين” بالغضب صرخت فى وجهها قائله :

– ديسكو ؟ .. ديسكو يا “نانسي” .. افرضى “عمر” شافك .. افرضى حد شافك وقاله .. انتِ مش عارفه انه منعك تماماً انك تروحى المكان ده

أزاحت “نانسي” الغطاء عنها وهبت واقفة :

– أوف أوف .. كل شوية “عمر” قال .. “عمر” عاد .. أنا اتخنقت أنا مش متعودة على كدة .. متعودة أعمل اللى أنا عايزاه وفى الوقت اللى أنا عايزاه

– انتِ هتفضلى مدلعة لحد امتى .. لحد ما نضيع كلنا .. أنا مكنتش عايزة أقولك عشان ما أأثرش على نفسيتك بس طالما انتِ ما عندكيش احساس كدة هقولك .. البنك حجز على كل حاجة بنملكها .. مافضلش غير الفيلا دى وعربية أبوكِ وعربيتي وعربيتك واللى قريب أوى هيضيعوا هما كمان

امتقع وجه “نانسي” بشدة .. كانت تعلم الظروف التى يمرون بها لكنها لم تتوقع أن تتدهور أمورهم الى هذه الدرجة وبهذه السرعة , ظلت واجمة لا تنطق بشئ .. اقتربت منها “نادين” قائله :

– فهمتى بأه ان الموضوع جد مش هزار .. وإن “عمر” هو آخر أمل لينا وان الوضع مش متحمل أبداً استهتارك ودلعك ده .. أنا كنت جايه أصحيكي عشان أقولك ان حماتك المستقبليه كلمتنى وعزمتنا كلنا بعد بكرة وهيكون موجود عمة “عمر” وولادها كمان .. مش عايزة غلطة يا “نانسي” خلى الموضوع يتم على خير .. انتِ سامعه

قالت ذلك وتركتها وخرجت …

*************

أثناء انهماك “ياسمين” فى مساعدة والدتها فى تحضير طعام الغذاء سمعت باب الشقة يُفتح ثم يُغلق .. التفتت لوالدتها قائله :

– دى أكيد “ريهام” .. بابا لسه نازل من شوية

نادتها قائلة :

– “ريهام” ..”ريهام”

سمعت باب حجرتما يُغلق بقوة .. فقالت لنفسها (مالها دى )

تركت ما بيدها وذهبت لترى أختها .. صدمت “ياسمين” عندما فتحت باب الغرفة ووجدت “ريهام” منهارة من البكاء .. أغلقت الباب بسرعة وتوجهت اليها قائله بلوعه :

– “ريهام” مالك فى ايه .. ايه اللى حصل .. قوليلى

كانت “ريهام” ترتجف من شدة البكاء فجلست “ياسمين” بجوارها وأخذتها فى حضنها قائله :

– بس يا حبيبتى .. بس متعيطيش .. فى ايه مالك .. طمنيني وقعتى قلبي

أزاحتها قليلاً لتنظر اليها ومسحت ما تساقط على وجهها من دمعات ثم قالت :

– حبيبتى استعيذى بالله من الشيطان الرجيم واحكيلى اللى حصل

استعاذت “ريهام” بالله وروت لأختها ما حدث بالتفصيل .. قم أردفت :

– اتفضحت يا “ياسمين” .. متخيلة الكلام اللى قالهولى يوحي بإيه .. والمصيبة ان صحابي كانوا واقفين .. ومش بس صحابي ده كمان زمايلي فى الدفعة .. هيقولوا عليا ايه دلوقتى

قالت ذلك ثم انفجرت فى البكاء مرة أخرى .. فقالت لها “ياسمين” :

– حسبي الله ونعم الوكيل .. بني آدم معندوش ريحة الضمير .. كويس انه ربنا كشفه بدرى عشان تعرفيه على حقيقته

– أنا خلاص معدتش راحه الكلية دي تانى .. معدش ينفع أورى وشى لحد

قالت لها “ياسمين” بصرامة :

– بتهرجى .. صح .. انتِ ما غلطتيش عشان تستخبي من الناس .. هو اللى غلط وهو اللى المفروض يتكسف يورى وشه للناس .. اوعى تخلى واحد زى ده يكسرك .. انتِ لسه صغيره وياما هتشوفى فى حياتك .. مينفعش تسمحى لحد انه يدوس عليكِ بالشكل ده .. اوعى تدى لحد فرصة انه يجرحك أو يهينك .. انتِ هتروحى الكلية بكرة وانتِ رافعة راسك لأنك مغلطتيش وربنا عارف انك مغلطتيش وأكيد هيجبلك حقك منه .. لأنك مرضتيش تغضبى ربنا وعملتى الصح فأكيد ربنا مش هيسيبك وهيكون جمبك

– اوعى تقولى حاجة لبابا يا “ياسمين” لو بابا واجهه معرفش الولد ده ممكن يتبلى عليا ويقول ايه وانتِ عارفه بابا صعب أد ايه وممكن يصدقه

– متخافيش بابا مش هيعرف .. بس الولد ده لازم يتربي .. لان لو محدش وقفله هيسوق ويتمادى فيها .. لما سألوا فرعون وقالوله ايه اللى فرعنك قال ملقتش حد يلمنى

– ازاى يعني هتعملى ايه ؟

– اسمها هنعمل مش هتعملى .. بكرة هتشوفى

**************

فى اليوم التالى وفى مكتب سكرتيرة عميد كلية التجارة بجامعة عين شمس وقفت “ياسمين” مع “ريهام” فى انتظار السماح لهما بالدخول , خرجت السكرتيرة من حجرة العميد ونظرت الى الفتاتان قائله:

– اتفضلوا

شعرت “ريهام” بالتوتر وكادت أن تتراجع فجذبتها “ياسمين” من يدها ودخلوا الى داخل الغرفة , قالت “ياسمين” :

– السلام عليكم يا دكتور

– قال العميد : وعليكم السلام .. اتفضلوا

جلست كل منهما على مقعد مواجهه للمكتب .. نظر اليهما العميد قائلاً :

– اتفضلوا .. ايه الموضوع المهم اللي عايزني فيه

روت له “ياسمين” تفاصيل ما حدث من “معتز” واهانته لـ “ريهام” أمام زملائها .. ثم أردفت قائله :

– أنا بعد اللى حصل فكرت نيجي ونتكلم مع حضرتك لأنك المسؤل الأول عن الكلية هنا وأنا عارفه ان حضرتك بمركز يُملى عليك تحمل مسؤلية الكلية كلها وأكيد كل البنات والولاد اللي هنا هما أبنائك وبناتك اللى لازم حضرتك تحافظ عليهم عشان كدة احنا جينا لحضرتك النهاردة يا دكتور لأن أكيد مترضاش ان حد يهين بنت من بناتك اللى مسؤلين منك طول وجودهم فى الكلية وتحت اشرافك

– رد العميد قائلاً : طبعاً .. أكيد اهانة بنت من البنات وان ولد يتعرضلها ويضايقها ده ما أسمحش بيه أبداً فى كليتي .. والولد اللى ذكرتى اسمه فعلاَ مشاغب وبيجيلى اسمه كتير

– ثم وجه حديثه الى “ريهام” قائلاً :

– ما تقلقيش .. محدش يقدر يتعرضلك ولا يتعرض لأى بنت داخل الكلية والولد ده لازم يتعاقب

– شكرته “ريهام” قائله : أنا متشكره جدا يا دكتور .. بجد ربنا يكرمك

وفى اليوم التالى كانت سعادة “ريهام” غامرة عندما قرأت التنويه الموضوع فى بهو الكلية (قررنا فصل الطالب معتز محمود صبحى لمدة اسبوعين عقاباً له على اهانته لزميلاته ومشاغبته فى الكلية)

حمدت الله عز وجل وأيقنت أن من يصدق الله يصدقه

****************

– يعني ايه الكلام ده ؟

نطق “عمر” بهذه العبارة فى غضب هادر وهو يتطلع الى الملف الموضوع أمامه على مكتبه بالشركة . قالت السكرتيرة :

– ده الفاكس اللي جلنا يا فندم

هب “عمر” واقفاً وقال فى غضب :

– أنا مشغل شوية ناس لا يعتمد عليهم .. يعني كدة الصفقة هتضيع علينا

حمل هاتفه وساعته والجاكت وتوجه الى الباب قائلاً :

– الغي كل مواعيدي النهاردة وبكرة

قالت السكرتيرة بنبرة روتينيه :

– حاضر يا فندم

****************

أقبل “عمر” على والدته التى تجلس فى حديقة الفيلا وقبلها على رأسها وجلس على المقعد المجاور لها .. رأت أمه علامات القلق والضيق باديه على محياه فسألته :

– خير يا حبيبى فى حاجة ؟

تنهد فى ضيق قائلاً :

– للأسف هنضطر نأجل عزومة “نانسي” وأهلها اللي كانت المفروض تكون بكرة

– ليه ايه حصل ؟

– فى مشكلة فى الشغل ولازم أسافر النهاردة ضرورى ومعرفش هغيب كام يوم

– ما ينفعش حد غيرك يقوم بالمهمة دى

– لا مينفعش لازم أروح بنفسي

سكت قليلاً ثم أردف قائلاً :

– لازم أسافر النهاردة على المزرعة.

البارت الحادي عشرة

سمعت “ياسمين” جرس هاتف المنزل وهمت بترك الرواية التى تقرأها وتذهب لترى من المتصل لكن الصوت توقف فجأة فعلمت أن أحداً ممن فى البيت رد على الهاتف , ما هى الا لحظات حتى فتح والدها باب غرفتها بعدما طرق الباب وقال لها :

– كلمى يا “ياسمين” تليفون عشانك

تعجبت “ياسمين” من الذى يتصل بها على هاتف المنزل فمنذ أن تخرجت لم يبقى على اتصال بها الا “سماح” فقط والتى تتصل دائماً على هاتفها المحمول , نهضت من فراشها وتركت روايتها وسألت والدها :

– مين يا بابا

– خطيبك

– قالت بإندهاش : “مصطفى”

– ايوة هو انتِ ليكِ خطيب غيره

كانت هذه هى المرة الأولى التى يتصل بها “مصطفى” , كانت العلاقة بينهما تقتصر على زيارته مرة كل اسبوع وأحياناً كل اسبوعين بسبب انشغاله بتجهيز عش الزوجية بالإضافة الى عمله الذى يلتهم معظم وقته , توجهت الى الهاتف وقالت :

– السلام عليكم

أتاها صوته عبر الهاتف :

– وعليكم السلام .. ازيك يا “ياسمين” أخبارك ايه

– تمام الحمد لله ازيك انت عامل ايه فى شغلك

– كويس الحمد لله مش ناقصنى غيرك .. وحشانى أوى

تضرجت وجنتاها بحمرة الخجل فلم تعتاد سماع مثل هذه الكلمات منه أو من غيره .. كانت تحاول قدر الإمكان الالتزام بوضع حدود للكلام بينهما .. فهى مازالت تعتبره رجلاً غريبا عنها لا يحق لها سماع تلك الكلمات منه إلا بعدما يُكتب الكتاب ..استطرد “مصطفى” قائلاً :

– مش عايزة تقوليلى حاجه ؟ .. موحشتكيش زي ما وحشتيني ؟

التزمت “ياسمين” الصمت ولم تدرى ماذا تقول له .. أتاها صوته وقد استطاعت تمييز نبرة الضيق فى صوته :

– خلاص براحتك ..

ثم قال فى برود :

– طبعا عارفه ان الفرح بعد أقل من اسبوعين .. أنا بس حبيت أعرفك ان خلاص تقريباً الشقة جهزت فيما عدا بعض الأمور البسيطة .. أنا حاليا فى البحر الأحمر وان شاء الله هنزل قبل الفرح ب 3 أيام أخلص الحاجات اللى فاضله .. فى حاجه انتِ عايزاها أو حاجه حابه تقوليها

تمنت لو تقول له (أيوة عايزة أقولك كلام كتير أوى واسمع منك كلام أكتر نفسي أعرفك وأفهمك نفسي أقعد معاك فترة أطول مش تقولى انك نازل قبل الفرح ب 3 أيام , نفسي فى خطوبة أطول نفسي أتجوز وأنا حاسه انى فرحانه ومبسوطه زى أى بنت بتتجوز نفسي حد يزيل القلق والخوف اللى جوايا نفسي أطمن على حياتى معاك) لكنها لم تستطع أن تنطق بحرف مما ودت أن تقوله .. وردت قائله :

– لا شكراً .. مش عايز انت حاجه

رد فى برود :

– لا شكراً .. سلام

– مع السلامة

وضعت “ياسمين” السماعة ونظرت الى غرفة والدها وقالت لنفسها ( كان نفسي تفهمنى يا بابا .. أنا مبحبش أعصيك ولا عايزة أكسر لك كلمة .. بس ياريت تفهمنى شوية .. وتحس بيا ) قامت ودخلت غرفتها مرة أخرى وجلست على فراشها لتستكمل قراءة الرواية لعلها تستطيع أن توقف عقلها عن التفكير لترتاح قليلاً

************************

أنهى “مصطفى” اتصاله بـ “ياسمين” وشرع يعبث فى ملفات هاتفه .. كان فى غرفته حينما طرق عليه الباب صديقه الذى يشاركه فى السكن وفى العمل .. قال “مصطفى” :

– ادخل يا “رأفت”

دخل صديقه فوجده ممدداً على السرير يعبث بأزرار هاتفه .. فاقترب منه قليلاً وقال بمرح :

– فينك يا عريس .. انت هتختفى من دلوقتى ولا ايه .. لا اسمع لو الجواز هيغيرك متتجوزش خليك كده أحسن

– ليه مالى في ايه

– شكلك زى اللى واخد ألم على وشه .. ده منظر واحد فرحه بعد اسبوعين .. المفروض اللى زيك يكون طاير من الفرحه يا ابنى

قال “مصطفى” لصديقه فى تبرم :

– والله ما عارف , انا لا مبسوط ولا فرحان

– ليه بأه .. انت مبتحبش خطيبتك ولا ايه ؟

– بصراحة هى انسانه كويسه وكل حاجة يعني زوجة مناسبه لكن مش حاسس نحيتها بأكتر من كدة

– ليه بأه .. طيب قولى هى حلوة ؟

– يعني .. عاديه .. مفيهاش أى حاجة مميزة

– مادمت شايفها عادية ومفيهاش حاجه مميزة كنت بتخطبها وهتتجوزها ليه ؟

– عشان بنت محترمة سألت عليها طوب الأرض محدش قالى عنها حاجة وحشة بالعكس الكل شكر فيها وفى أهلها جدا والبنت فعلا قطة مغمضة

– يعني هتتجوزها عشان كدة بس

– بص يا “رأفت” انت عارف طبيعة شغلنا 3 أسابيع هنا و اسبوع أجازة .. لازم أتجوز واحدة أبقى واثق منها وأنا سايبها فى البيت ومسافر .. والبنت دى هبقى سايبها فى البيت وأنا مطمن لأنها زى ما قولتلك محترمة وقطة مغمضة

– بس يا “مصطفى” ده ميكفيش عشان الحياة الزوجية بينكو تستمر لازم يكون فى مقاومات أكتر من كدة تخليها تستمر

– تقصد الحب والتفاهم و الكلام ده .. يا حييبى الحب والغرام ده بيكون قبل الجواز بس .. الراجل بيعمل اللى هو عايزه لحد ما يوصل لسن خلاص لازم يتجوز ويفتح بيت لكن مفيش حاجة اسمها اتنين متجوزين بيحبوا بعض بلاش جو أفلام الأبيض واسود ده

– تفكيرك غريب

– لا تفكيري واقعى جدا

– طيب و “نهله” مش انت برده كنت بتحبها

شعر “مصطفى” ببعض الضيق للتحدث فى هذا الموضوع لكنه قال :

– بص يا “رأفت” من الآخر كدة مفيش راجل بيتجوز واحدة كان ماشي معاها

ويلا سيبنى بأه عشان أكلت ودانى وصدعتنى أكتر ما أنا مصدع

**************************

اقتربت سيارة “عمر” من المزرعة التى كانت تقع فى احدى القرى بالقرب من محافظة المنصورة وبمجرد أن وصل الى البوابة ظل يطلق زمور السيارة وينادى وأخرج رأسه من الشباك منادياً الغفير :

– عم “عويس” .. عم “عويس”

فتح البوابة رجل فى العقد السادس من عمره وقال وهو يمد رأسه مستطلعاً القادم :

– مين .. انت مين ؟

نظر اليه “عمر” وقال :

– افتح يا عم “عويس” . أنا “عمر”

أسرع الغفير بفتح البوابة على مصرعيها مردداً :

– “عمر” بيه يا أهلا يا مرحباً .. المزرعة نورت .. اتفضل يا بيه

انطلق “عمر” بسيارته وتوقف أمام بين كبير مكون من طابقين . .. على الرغم من أنه يبدو قديماً إلا أن له هيبه لا تغفلها العين

لحق به الغفير الذى أغلق البوابه وأسرع يجري خلف السيارة حاملاً طرف جلبابه فى فمه .. قال الغفير فى حبور :

– يا أهلا وسهلاً المزرعة كلها نورت .. ليه ما قولتلناش ان سعادتك جاى كنت خليت “صفية” تنضف البيت زمانه مترب

قال “عمر” فى عجالة :

– لا تسلم يا عم “عويس” أنا أصلا مش هطول هنا ولو خلصت احتمال ارجع النهاردة .. فين مدير المزرعة ؟

– الباشمهندس “محمد” تلاقيه دلوقتى فى استراحة الغدا

– شكرا يا عم “عويس”

قال ذلك وهو يربت على كتف الرجل وأسرع ليبحث عنه في المزرعة

كانت المزرعة ميراث والد عمر من أبيه .. أى أن هذه المزرعة ملكاً لعمر أباً عن جد .. كانت مزرعة كبيرة تخطف الأبصار بذلك اللون الأخضر الساحر الذى يريح العين والأعصاب .. تم تقسيم المزعة وتخصيص أكبر مساحة بها لزراعة العنب الذى تميزت بزراعته مزرعة “عمر” على مر الأعوام السابقة فكان يتهافت علي محصوله التجار وأصحاب المصانع بسبب عناية “عمر” الشديدة بجودة المحصول وتوفير أجود أنواع الأسمده والمبيدات فلم يبخل عليها بشي فأعطته كل شئ .. وتحتوى المزرعة أيضاً قسما لزراعة العديد من الموالح الأخرى .. لم يكن انتاج المزرعة نباتياً فقط فلقد توسع فيها “عمر” وخصص قسماً للإنتاج الحيواني أيضاً

عبر “عمر” بوابة المبنى الإدارى الذى خصصه لإدارى المزرعة وللعاملين فيها .. توجه الى قسم الطعام وألقى نظرة على الموجودين ثم توجه الى طاولة يجلس عليها رجل فى العقد الخامس من عمره كان يتناول طعامه فى نهم حينما قال له “عمر” :

– ازيك يا باشمهندس “محمد”

هب الرجل واقفاً بمجرد أن رآى “عمر” وابتلع ما بفمه من طعام بسرعة ومد يده ليسلم عليه قائلاً :

– اهلا وسهلا ازيك يا باشمهندس “عمر”

– صافحه “عمر” ثم جلس على المقعد المواجه له قائلاً :

– ايه الفاكس اللي بعتهولى النهاردة ده .. عايز أعرف المشكلة بالتفصيل

ابتلع الرجل ريقه وجلس فى مقعده مرة أخرى وقال :

– زى ما قولت لحضرتك فى الفاكس تشخيص المرض “البياض الدقيقي”

حاول “عمر” السيطرة على غضبه قائلا:

– الاصابة وصلت لفين بالظبط؟

توتر الرجل قائلاً:

– للأسف يا باشمهندس الاصابة وصلت للأوراق والأغصان والأزهار والثمار

ضرب “عمر” بيده على الطاولة فإنتفض الرجل فزعاً والتفت جميع من فى القاعة اليهما .. هدر صوت “عمر” قائلاً:

– وكنت فين حضرتك يا باشهندس لما المرض انتشر فى الزرع بالشكل ده ؟ .. ومخدتش احتياطاتك ليه عشان تمنع الإصابة من قبل ما تحصل ؟

– والله يا باشمهندس “عمر” أنا عملت اللى عليا و …..

– قاطعه “عمر” قائلاً:

– هنشوف .. هنشوف اذا كنت عملت اللى عليك ولا لأ .. يلا قوم هنلف على المحصول كله توريني الإصابات

– نهض الرجل معه فى استسلام

انهى الرجل جولته مع “عمر” الذى ازدادت حدة غضبه قائلاَ:

– ده اسمه اهمال يا باشمهندس انت عارف كويس ان عدم ازالة الأوراق اللى على جذر الشجيرات ده له دور كبير فى انتشار المرض

وقف الرجل وقد أخذت حبات العرق تنبت فوق جبيه ولم يستطع النطق

أكمل “عمر” فى غضب :

– والحشائش دى ما بتتشلش أول بأول ليه انت عارف انها بتسبب الإصابة بأمراض زى الزفت للزرع .. ده تسيب أمال بتقبض مرتبك على ايه بالظبط

بُهت الرجل ولم ينطق ببنت شفه

*************************

فى المساء أغلق الغفير بوابة المزرعة بالحديد والسلاسل وتوجه الى غرفته ونادى زوجته :

– “صفية .. “صفية”

لم ترد فبحث عنها فلم يجدها .. هم بالتوجه الى باب الغرفة ليبحث عنها بالخارج عندما وجدها تدخل وتغلق الباب خلفها :

– كنتِ فين يا “صفية”

– هكون فين يعني .. كنت بجهز الأكل للباشمهندس “عمر” وبنضفله الأوضة اللي هينام فيها

– طيب يلا عشان ننام

نام عم “عويس” وتدثر بغطائه ودخلت زوجته الفراش بجواره وأخذت تتطلع الي زوجها الذى أولاها ظهره لتتأكد من أنه أغمض عينيه ويغط فى النوم فأولته ظهرها وأخرجت من صدرها حفنه من المال أخذت تنظر اليها فى فرح ثم أعادتها الى صدرها مرة أخرى

*************************

قامت “كريمة” من نومها فزعة وهى تردد :

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم .. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

انتفض زوجها واستيقظ على صوتها وقام وأضاء نور الغرفة وقال لها :

– خير فى ايه مالك يا “كريمة” ..

كان حلقها جاف فلم تستطع التحدث وأشارت الى ابريق الماء الموضوع على الكمودينو .. فهم زوجها اشارتها وصب لها كوبا من الماء وأعطاه لها قائلا :

– اتفضلى يا حبيبتى .. اشربي واهدى

شربت “كريمة” كوب الماء بسرعة ونهم وكأنها كانت تسير فى صحراء .. أعطت له الكوب الفارغ فوضعه على الكمودينو مرة أخرى و قال لها :

– هنياً .. مالك فى ايه ؟ انتِ تعبانه

قالت بعدما هدأت قليلاً وبدأت ضربات قلبها فى الانتظام :

– لا .. بس شوفت حلم وحش أوى

– خير اللهم اجعله خير

– حلم خاص بـ ” عمر” .. كان قلبي هيقف من الخوف

– يارب سترك .. خير شوفتى ايه ؟

بلعت ريقها فى صعوبة وكأن تذكر الحلم يعيد اليها خوفها مرة أخرى .. قالت :

– شوفت عمر وهو واقف فى مكان فاضى مفيش أى حد شايفه وفى حيه كبيرة فاتحه بقها و وماشيه ناحيته أول ما شافها فضل يرجع لورى وهى برده عماله تتقدم ناحيته وكان منظرها مرعب جدا وكانت مصره تأذيه

“عمر” كان وراه بير عميق وكان ضلمه مكنش شايف البير ده فضل يرجع لورى عشان يبعد عن الحيه فضلت أصرخ وأقوله “عمر” حاسب البير اللى وراك لكنه مكنش سامعنى حاولت أجرى عليه لكن كنت فى الحلم حاسه ان رجلى زى ما تكون مشلوله مش عارفه أتحرك

لحد ما “عمر” وقع فى البير والحية أول ما لقته وقع بعدت عنه بسرعة وجريت بعيد عنه.. جريت عليه وقلبي هيقف من الخوف وفضلت أنادى من فوق البير عليه لحد ما شوفته رغم ان البير كان ضلمه بس نور القمر كان منوره وكان شكله بيتألم أوى ومش قادر يتحرك فضلت أعيط وأنادى عليه ..لحد ما رفع راسه وقالى ما تقلقيش يا أمى أنا هقدر أقوم أقف تانى”

أنهت “كريمة” كلامها ونظرت الى زوجها قائله :

– تفتكر ايه الحيه وايه البير ده ؟ أنا خايفة على “عمر” أوى

قال لها زوجها يطمئنها :

– ما تخفيش ربنا هيحميه ان شاء الله .. لعلها تكون أطغاث أحلام ..انتِ بس ادعيله انتِ عارفه ان دعوة الوالدين مستجابة ان شاء الله

– والله بدعيله دايما وعمرى ما بطلت دعا ليه .. ربنا يحميه وينورله بصيرته ويكفيه شر ولاد الحرام

**************************

جلست “ياسمين” مع “سماح” فى غرفتها بعدما انتهيا من تناول طعام الغداء .. قالت “ياسمين” لها :

– ها يا ستى ايه بأه الموضوع اللى كنتِ عايزانى عشانه

– بصى يا “ياسمين” من الآخر كده فى واحد تعرفت عليه فى المطار أما كنت رايحه أجيب بنت خالى من السفر

سألتها “ياسمين” :

– اتعرفتى عليه ازاى يعنى ؟

– بصراحة حاول يكلمنى وصديته جامد .. والطيارة كانت اتأخرت عن معادها ففضلت وقت كبير فى المطار منتظرة بنت خالى .. والراجل ده فضل يحوم حوليا كتير وبعد ما اتأكد انى مستحيل أكلمه أو أعبره .. تقريبا كدة عجبه رد فعلى ده وأول ما بنت خالى وصلت وسلمت عليها .. جينا نمشي لقيته بيوقفنى

– ها .. كملى

– طبعا لسه هفتح بقى عشان أديله اللى فيه النصيب .. لقيته فجأنى وقالى انه عايز يتقدملى

قالت “ياسمين” وهى مندهشة :

– نعم .. خبط لزق كده

– آه والله ده اللى قاله .. وفضل يتكلم ويعرفنى بنفسه .. طبعا بنت خالى كانت واقفه وهو كان محترم مطلبش اننا نقعد في مكان ولا طلب رقمى ولا أى حاجة .. وبعد ما خلص كلامه طلب منى رقم بابا

قالت “ياسمين” وقد اتسعت ابتسامتها :

– ها وبعدين كملى

– بنت خالى اديته الرقم .. وبعدها محطتش الموضوع فى دماغى .. لكن بعد يومين لقيته بيتصل ببابا وطلب يقابله وفعلاً اتقابلوا بره البيت وشرحله ظروفه كلها

صاحت “ياسمين” فى فرح طفولى :

– الله ,, حب من أول نظرة يعني ,, ها كملى وبعدين

– بصى يا “ياسمين” أنا مش هكدب عليكي بصراحه أنا ارتحتله أوى .. مش بس ارتحتله تقدرى تقولى انا فعلا معجبه بيه أوى .. بس فى مشكلة

– ايه هى ؟

– هو من ساعة ما اتخرج وهو عايش بره .. بيكون مستقبله .. وللأسف من سنة خسر كل فلوسه اللى حوشها لأن دخل شركة مع ناس فى البلد اللى كان مسافر فيها ونصبوا عليه وخسر كل اللى حوشه طول السنين اللى فاتت

قالت “ياسمين” فى حزن:

– لا حول ولا قوة إلا بالله

– بصراحة يا “ياسمين” أنا مش فارق معايا الموضوع ده .. هو بيقول انه لسه بيبدأ يكون نفسه من أول وجديد .. وانه مش مرتاح فى شغله وبيفكر يشتغل مع واحد صحبه .. هو لا يملك غير عربيته بس .. حتى الشقة اللى اشتراها هنا اضطر يبعها عشان يسدد ديونه .. يعني هعيش معاه على مرتبه بس

– طيب وانتِ رأيك ايه فى كل ده

– زى ما قولتلك كل ده مش فارق معايا .. بصراحة عجبنى وحساه راجل بجد .. وكمان بابا انتِ عرفاه بيفهم الناس بسرعة .. هو كمان أعجب بيه أوى

– تمام أوى

لا مش تمام .. لسه ماما معرفتش واللى خايفه منه انها ترفض .. انتِ عارفه ماما راسمه فى خيالها شخص مثالى لبنتها الوحيدة .. خايفة أوى ترفضه عشان ظروفه

– طيب وباباكِ رأيه ايه

– بابا ده حبيبى .. قالى انتِ اللى هتعيشي معاه يبأه انتِ اللى تختارى .. والحاجه الوحيدة اللى هيتدخل فيها هي انه يطمن انه انسان محترم ومؤدب ويسأل عنه كويس هنا فى مصر وفى البلد اللى كان شغل فيها

.. أنا خايفة أوى يا “ياسمين” ادعيلى الموضوع يتم على خير

حضنتها “ياسمين” قائلة :

– ان شاء الله يا حبيبتى ربنا يقدرلك الخير ويسعدك ويفرح قلبك يارب

***************************

أثناء انهماك “مصطفى” فى دراسة أحد المخططات أمامه شعر فجأة بشخص يقف خلفه .. التفت ليجد فتاة جميلة تقف وتنظر اليه فى حزن .. بُهت لرؤيتها والتفت اليها قائلاً :

– “نهلة”

قالت الفتاة بعتاب وبصوت خافت :

– أيوة “نهلة” .. ازيك يا بشمهندس

توتر “مصطفى” وقال لها :

– ايه اللى جابك هنا

تقدمت الفتاة بخطوة وأمسكت كفة اليمنى التى احتوت دبلته , ورفعتها أمام عينيه قائله فى مرارة :

– جيت أباركلك على خطوبتك .. وأباركلك على فرحك اللى هيكون كمان اسبوعين

جذب “مصطفى” يده وتنهد وقال اليها :

– “نهلة” لو سمحتى مفيش داعى للكلام ده ومفيش داعى أصلاً انك تيجي لحد هنا ده مكان شغلى

– بس انت يا باشمهندس مكنتش بتعترض لما كنت بجيلك قبل كدة هنا فى مكان شغلك .. وكنت بتفرح وتنسي الدنيا واللى حواليك

قال لها بنبرة محذره :

– “نهلة” مش عايز مشاكل

قالت فى مرارة :

– متخفش أنا مش جاية أسببلك مشاكل .. أنا خلاص فهمت .. صحيح فهمت متأخر بس فهمت

قال وقد بدأ يشعر بالضيق :

– فهمتى ايه ؟

قالت والدموع تتساقط من عينينها :

– فهمت ان مفيش راجل بيفكر يتجوز واحدة غلط معاها .. حتى لو هو اللى دفعها لكده وحتى لو هو السبب فى كده

قال بحدة :

– أنا مضربتكيش على ايدك .. كل حاجة كانت برضاكِ وبرغبتك

انفجرت فى البكاء قائلة :

– كنت بحبك . وكنت فاكراك بتحبنى .. كنت بعمل زى ما قولتلى .. بحاول اسعدك عشان متبصش لغيري .. ورغم انى عملت كل اللى طلبته منى وفرط فى كل حاجة عندى برده سبتنى وهتتجوز غيري .. سبتنى لانى فى نظرك بنت رخيصة سلمت نفسها لراجل مش جوزها .. ولما فكرت تتجوز اخترت واحدة نضيفة مش كدة ؟

قال بغضب :

– الكلام اللى قولتيه دلوقتى لو اتكرر تانى مش هيحصل كويس يا “نهلة” .. ويكون فى علمك لو فكرتى تقلى عقلك وتقولى الكلام ده لأى حد أو توصليه لأهل خطيبتى بأى طريقة أنا هنكر انى أعرفك أصلاً ومش هيحصلك كويس

قالت وهى تمسح الدموع التى تساقطت على وجهها :

– دى مش غلطتك لوحدك أنا غلطت أكتر منك ودلوقتى بدفع التمن .. أنا زى ما قولت أنا مش جاية أسببلك مشاكل أنا جايه بس أقولك ان أى حاجة عملتها كانت عشان بحبك .. بحبك أوى

قالت ذلك ثم تركته وانصرفت .

عرض التعليقات (8)